(باب الوضوء)
  (و) الثالث: (تقديمهما) يعني: المضمضة والاستنشاق (على) غسل (الوجه) وذلك لما روي في صفة وضوئه ÷، وقد علل لشرعية تقديمهما على الوجه بأن ذلك أقرب إلى دلك الأنف في حال جري الماء فيها، قال: إذ لو أخذ ما يكفيه للوجه ولهما لم يخْلُ: إما أن يدلك الأنف أوَّلاً أو الوجه، فأيهما فعل لم يدلك الثاني في حال جري الماء عليه إلا القليل، والترتيبُ أقرب إلى حسن الاستعمال. وهذا [التعليل](١) للإمام ¦، وهو [يلزمه أنه](٢) يمكن دفع هذا الذي فرضه(٣) بتقديم الوجه عليهما. [ثم](٤) قال: لأنه لو قدمه - يعني: الوجه - لم يأمن خروج دم من الفم أو الأنف؛ لأن ذلك كثيرًا ما يعرض؛ لرقة ما فيهما من اللحم، فيحتاج إلى إعادة الوضوء من أوله، وبهذا(٥) يلزم أن يقدما على الفرجين، ولا قائل به ممن يجعل الفرجين من أعضاء الوضوء كما هو المقرر، فالأولى التعليل بما ذكر أولاً من صفة وضوئه ÷.
  وعلى ذكر الدلك مع الجري من تعليل الإمام ¦ فائدة: وهو أن المراد بالجري هنا وفي الغسل: مزاولةُ الماء من موضعٍ إلى موضع، لا أنه يشترط أن يدلك حال جريه، بل يكفي ما دام [الجسم](٦) رطباً، والله أعلم، وهذا هو المقرر عليه، فتأمل.
  وعلى قوله في ذلك «فيحتاج إلى إعادة غسل الوجه(٧)» فائدة: وهي أن من انتقض وضوؤه قبل كماله فإنه كانتقاضه بعد كماله، يلزمه إعادته من أوله، وهو المقرر، وإنما نبهت على المقرر في هاتين المسألتين - وذلك خلاف مبنى الكتاب من حيث عدم ذكر الخلاف فيه - لرفع ما يتوهم أن هاتين الفائدتين لما نشأتا من تعليل
(١) من (ب).
(٢) مشطوب في (ب).
(٣) في (ب): «علله».
(٤) من (ب).
(٥) في (ج): «وهذا».
(٦) ما بين المعقوفين من هامش شرح الأزهار.
(٧) هذه عبارة الشرح، ولكنه هنا غير إلى قوله: «فيحتاج إلى إعادة الوضوء من أوله». محقق.