(باب الوضوء)
  الإمام الذي لم يُختر(١) التعليل به فهما كذلك، فاحتيج إلى التنبيه على أن مؤداهما مقرر للمذهب وإن لم يختر ما أخذا فيه من التعليل، فتأمل، والله أعلم. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله، آمين.
  (و) الرابع: (التثليث) وهو غسل كل عضو من أعضاء الوضوء ثلاثاً، فهو سنة، ويدخل في ذلك مسح الرأس، فيسن التثليث فيه مع تثليث أمواهه، فيؤخذ لكل مرة ماء جديد، ففي الحديث: «ثم غسل ثلاثاً» فقال: «هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي»، والمتوضئ بالخيار إن شاء فعل لكل عضو ثلاث مرات، وإن شاء أتم الأولى إلى آخر الأعضاء، ثم عاد ثانياً، وثالثاً. ولو كرر كل لمعة في أعضاء الوضوء وحدها صار متسنناً.
  واعلم أنها تكره الزيادة على الثلاث الغسلات، ففي الحديث: «من زاد أو نقص فقد أساء وظلم» وأُول إساءته بترك السنة، فتكون الزيادة على الثلاث بدعةً، وينكر على من اعتاده، ويكره الائتمام به، ويجب عليه نفي الوسواس بالرجوع إلى الأدلة الشرعية. وقد عنف الإمام يحيى بن حمزة ¦ على من اعتاد ذلك في رسالةٍ(٢) له. والمراد إذا زاد على الثلاث معتقداً أنها سنة، لا إن زادها للنظافة ولم يجعله عادة فلا حرج.
  (و) الخامس: (مسح الرقبة) باليدين ببقية ماء الرأس، فإن لم يبق لم يسن أخذ ماء جديد، بل يمسح من غير ماء. والمسنون مرة واحدة؛ ولهذا أخره الإمام | عن التثليث؛ لئلا يتناوله. والمراد بمسح الرقبة: السالفتان والقفا، دون مقدم العنق، عنه ÷: «من مسح سالفتيه وقفاه أمن من الغُل يوم القيامة». والغل - بضم الغين المعجمة في هذا المكان -: اسم لما يعذب به الإنسان، وبالكسر: للحقد، وبالفتح: لغل(٣) الزكاة والمغنم.
(١) في (ج): «لم نختر».
(٢) عنوانها (الرسالة الوازعة لذوي الألباب عن فرط الشك والارتياب) طبعت ضمن مجموعه.
(٣) في هامش شرح الأزهار: وبالفتح لمنع الزكاة.