تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

تتمة لهذا الفصل يلحق به في الحصر:

صفحة 6 - الجزء 3

  لنهيه عن النكاح على ملك، فحمل على العقد، ولو كان حقيقة في الوطء لانعكست هذه الأحكام، وليست كذلك. ولا مشتركاً بينهما؛ لتوقف فهم المراد منه حتى البيان، وليس كذلك.

  ودليله قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} فسماه نكاحاً مع نفي المساس معه، وقوله تعالى: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} ومعلوم أنه لا يفتقر إلى إذن الأهل إلا العقد لا الوطء⁣(⁣١). وبهذا تعلم إرادة المجاز على إطلاقه على الوطء، فيما جاء عن الرسول ÷: «لعن الله ناكح يده والبهيمة» وأراد الوطء، وتسميته نكاحاً مجازٌ بجامع إنزال المني كما يقع في عقد النكاح، أو استعمال لأصل وضعه فيه لغة، وهو كذلك، والله أعلم.

  وقد ورد في النكاح والترغيب فيه أدلة كثيرة، منها قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} فلفظ الإباحة مع «ما طاب» زيادة في المبالغة في حله وإباحته، ومجيء لفظ الإباحة بغير «أبيح» أو «أحل» بل بالصيغة التي تستعمل للحتم فيه رائحة إشعار بإيجاب بعض وجوهه كما ستعرف ذلك قريباً.

  ومن السنة قوله ÷: «يا معاشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه⁣(⁣٢) أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فليصم، فإن الصوم له وجاء» الوجاء: رضُّ الخصيتين، شبه الصوم به لتأديته مؤداه أو قريباً منه في عدم ثوران الحرارة الخاصة معه، ويعني «من استطاع منكم الباءة»: من استطاع الجماع الحلال بحصول أسبابه من المال وغيره، ويدخل فيه البلوغ، يعني: من بلغ واحتاج ووجد المال فليتزوج لذلك. وعنه ÷: «تناكحوا تكاثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة» وغير ذلك من الترغيب فيه، وما يحصل فيه من الأجور كثير ليس هذا


(١) في هامش شرح الأزهار: والوطء لا يحل بالإذن.

(٢) في المخطوطات: لأنه أغض للبصر وأحفض لفرجه. والمثبت من كتب الحديث وهامش شرح الأزهار.