تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

[متى يحرم النكاح]:

صفحة 9 - الجزء 3

  الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} وبهذا ينحل ما قيل: إن الزوجة لا حق لها في الوطء إلا في الإيلاء؛ لرفع الغضاضة، والمطالبة برفع التحريم في الظهار، ولا حق لها فيما عداهما في الوطء، فكيف قلتم: يحرم عليه ذلك ولا حق لها، وهو لا يجب عليه ترك ما هو مباح له من العقد لخشية فعل الغير القبيح، وهو لا يلزمه ترك المطالبة للدين لو علم أن المطالب به يفعل القبيح من قتل نفسه أو نحوه إن طولب - فهذا خصه الإجماع على عدم وجوب ترك طلب الدين لخشية ذلك، وما جاء من تحريم النكاح لما ذكر من ذلك الباب، وهو عدم جواز تعريض الغير لفعل القبيح، {وَلَا تَسُبُّوا} فتأمل، فهذا كاف في السؤال الوارد هنا، والله أعلم.

  (و) يحرم أيضاً (على) رجل (عارف التفريط من نفسه) بعدم القيام بالحقوق الزوجية بخلا أو كسلا (مع القدرة) على ذلك، لا مع عدمها فلا يحرم عليه. ووجه هذا التحريم أقوى من الأول؛ إذ يصير هنا لها حق بالزواجة، وهو ما يلزم لها من النفقة وغيرها، وقد قال تعالى: {وَلَا تُضَارُّوهُنَّ} وغير هذه من الآيات من النهي عن عدم الضرار، وإذا نهي عنه بعد التزويج فهو منهي عن ذلك قبله؛ إذ المقصود حصول الظن بالضرار ولو قبل التزويج، بل هو أبلغ؛ إذ هو قبل الدخول فيما يحرم عليه سببه، فيجب عليه ترك سبب فعل المحظور، لا يقال: هذا أخف من الأول؛ إذ فيه ترك واجب؛ إذ نقول: سبب لفعل المحظور ذلك الترك، وهو المضاررة. والزوجة كالزوج إذا عرفت من نفسها عدم القيام بما يلزم للزوج عليها فيحرم عليها التزويج؛ لذلك.

  فَرْعٌ: فلو خشي الوقوع في المحظور إن لم يتزوج وعرف من نفسه أنه لا يقوم لها بالواجب مع القدرة - لزمه التسري إن أمكنه، وإن لم صام حتى تضعف شهوته، فإن لم يمكنه الصوم أو لم يثمر لزمه التزويج؛ لأن الخطر في تركه أغلظ، وعليه أن يعزم على القيام بما يجب عليه ويوطن نفسه على ذلك، وإن وجد الأدوية التي تقطع الباءة جاز أكلها مع عدم الخشية للمحظور، ومع الخشية يجب. ولو كان لا يخشى الوقوع في المحظور إلا في المستقبل [وهو لا يتمكن من التزويج إلا الآن فإنه يجب عليه؛