(باب الوضوء)
  حيث يبلغ الوضوء»، ويستحب أيضاً الاستنان، وهو يروى بالشين المعجمة [وبالسين المهملة]، وهو: إفاضة الماء على جبينه بعد الفراغ من الوضوء، يقال: شن الماء على وجهه، أي: أرسله إرسالاً من غير تفريق.
  (و) الرابع: (تَوَلِّيْهِ بنفسه) فلا يتولاه غيره إلا لعذرٍ، في غير العورة، فلا إلا لمن يحل وطؤه. ولا يجب على الغير أن يوضئه للعذر. ويجوز أخذ الأجرة على ذلك، فلو تولاه غيره من غير عذر كُرِهَ وأجزأ، وأما تقريب الإناء وصب الماء على يده ونحو ذلك من دون مباشرة فلا كراهة، ولا منافاة لما ذكر(١). وحيث يتولى الوضوء غيره لعذر ولم يمكن الموضَّأ الدعاء لا يدعو الموضِّئ؛ لأنه لم يرد الندبُ إلا في حق المتوضئ نفسه فلا يندب من الموضئ له وإن كان قد ورد الندب في الدعاء للمؤمنين عموماً.
  (و) الخامس: (تجديده) يعني: الوضوء، وذلك (بعد كل مباح) مما يعد إعراضاً عن الصلاة، بحيث ينساها ولا يكون منتظراً لها، فأما لو كان مما لا يعد إعراضًا كالانتظار - مع أنه طاعة لا مباح - فلا يستحب التجديد، وكذا لو اشتغل بعد الوضوء بطاعة غير الصلاة(٢) فإنه لا يستحب أيضاً، أو صلاة وكانت نفلاً فإنه لا يستحب أيضاً، وأما لو كان قد اشتغل بصلاة وهي فريضة فإنه يستحب له تجديد الوضوء للفريضة الأخرى؛ ليكون بذلك آخذاً بالإجماع؛ إذ من العلماء من يوجب الوضوء لكل فريضة أخذاً بظاهر قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} ... إلخ، ويدفع هذا الظاهرَ تضافرُ الأدلة من السنة بإنه ÷ صلى بالوضوء الأول ولم يحدث وضوءاً، ومن ذلك تعداد النواقض، فلم يُعد منها فعل صلاة فريضة، لكن يستحب التجديد بعد ذلك أخذاً بالإجماع، فتأمل.
  فَرْعٌ: فلو نوى بالوضوء تجديده بعد مباح، ثم بعد كماله له ذكر أنه قد أحدث - لم يجب عليه إعادة الوضوء؛ لأنه قد نواه للصلاة، وكفت(٣) هذه النية، فإن لم ينوه
(١) أي: من أن السنة أن يتولاه بنفسه، والله أعلم. (é). (شرح).
(٢) في (ج): «صلاة».
(٣) في هامش شرح الأزهار: فكفت.