مقدمة مكتبة أهل البيت (ع)
  فالمطلع أو القارئ إذا قرأ الكتب الفقهية التي ألفها علماء ومجتهدو الزيدية وجد نفسه أمام موسوعات فقهية جالت فيها أفكار وأنظار آل محمد وشيعتهم الأخيار واجتهاداتهم فنتجت لآلئ وأنوارًا تضيء الطريق وتقشع الظلام وتؤسس منهجية تشريعية فقهية شاملة، كيف لا يكون كذلك؟ والفقه الزيدي فرسانه أكابر علماء الزيدية أمثال الإمام زيد بن علي @ والإمام القاسم وحفيده الهادي وابنا الهادي والإمام الناصر الأطروش $، ورواده عترة رسول الله ÷ أول من ألفوا في الفقه ورووه عن أبيهم المصطفى صلى الله عليه وآله.
  فهذا الإمام زيد # وصف ولقب بفاتح باب الجهاد والاجتهاد مؤسساً لمرحلة جديدة من مراحل الإسلام العظيمة بإحيائه فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومما نَقَمَهُ تحريف الدين وتزييفه من أعدائه المضلين ظاهرين ومندسين، وفاتحاً لباب الاجتهاد على مصراعيه لأخذ قوانين التشريع أمام كل المستجدات وفي جميع الأحوال والظروف على الوجه الأكمل والصراط الأعدل مصداقاً وتجسيداً لأمثالٍ لقول رسول الله ÷: «يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين».
  فها هو مصنفه الأول في الإسلام وفي الحديث وفي الفقه الإسلامي كأول لبنة في بناء صرح الإسلام العلمي والتشريعي، وكذلك سار من أتى بعده من الأئمة والعلماء وضربوا بقدح وافر في هذا المجال وعلى هذا الدرب إلى يوم الناس هذا، وما ذلك إلا لعلمهم بأهمية هذا العلم، وحاجة أبناء الإسلام إليه، فهو جدير منا بإيلائه كامل الاهتمام، لا سيما وأنه يشتمل على جانب العبادة الذي يربط العبد بربه وخالقه، فمن أتقنه حاز الحظ الأوفى، وفاز بسعادة الدنيا والأخرى، وهل وصل كبار العباد ومشاهير الفضلاء إلى ما وصلوا إليه من الفوز برضا المولى ø إلا بإتقانهم لعبادتهم لربهم واجتناب ما يفسدها الذي هو مهمة (علم الفقه) ومقصوده وغايته.
  وبما أن مسائل الفقه الفرعية قد مُلئت بها بطون الكتب المطولة، وقد تقاصرت الهمم عن الإحاطة بها، ما لبث المحققون والعلماء بطبيعة العصر أن سارعوا إلى الاختصار والتهذيب وتجميع المواضيع؛ ليسهل حفظها ويعم نفعها؛ ويتيسر تداولها ويقرب تناولها، وكثمرة من ثمار تلك الجهود العظيمة جاء هذا الكتاب الحاضر الموسوم