(فصل): في بيان ما يجوز للزوجة فعله قبل تسليم المهر، وما يلزم الزوج فيما كان معينا من المهر:
  الامتناع أولاً مع الشرط وعدمه واستحق ما قد سلم فلها الامتناع بعد حتى يسلم، والله أعلم.
  فحاصل هذا الامتناع على الترتيب: أن لها أن تمتنع حتى يسلم لها المهر، ولو كان قد سمى وعين أولاً(١) فلها حق في قبضه قبل الدخول، ولو كان الزوج معسرا فلها الامتناع منه كالموسر حتى يسلم. (ما لم يؤجل) المهر لفظا أو عرفا، وهل يعتبر في صحة التأجيل أن يكون إلى مدة معلومة وإلا لم يلزم [أو] يصح ولو كان الأجل مجهولا كما اعتيد في عرفنا التأجيل بالمهر إلى الموت أو الطلاق؟
  الذي حفظته عن الوالد العلامة العماد يحيى بن عبدالرحيم العنسي ¦ أن ذلك التأجيل لازم للزوجة فليس لها أن تمتنع من الزوج قبل حلول الأجل ولو كان الأجل مجهولا، ويتأمل فهذا دين لازم بعقد وهو لا يكون الإنظار فيما هذا حاله لازماً لصاحب الدين إلا إذا كان مؤجلاً إلى مدة معلومة، وإلا بطل التأجيل وجاز الطلب قبل حلول الأجل كما يأتي إن شاء الله تعالى في البيع، اللهم إلا أن يقال: ليست المعاوضة في المال مقصودة في النكاح أولاً فلزم التأجيل ولو إلى مدة مجهولة بالمهر، ويكون ذلك فارقاً، وهو الصحيح المعمول عليه، والله أعلم.
  نعم، فإذا كان المهر مؤجلاً إلى أجل لم يكن للزوجة أن تمتنع من الزوج حتى يحل الأجل، ومتى دخل بها قبل حلول الأجل فليس لها أيضاً أن تمتنع، ولا يكون الدخول بها كحلول الأجل على المختار للمذهب، وبعد أن يحل الأجل إن لم يكن قد دخل بها فلها الامتناع حتى يسلم، وإن كان قد دخل بها فليس لها الامتناع أيضاً بعد الدخول ولو قد حل الأجل، إلا أنه يثبت لها المطالبة بالمهر كسائر الديون من دون امتناع. هذا ما لم تسلم نفسها بشرط صحيح ثم لم يحصل فلها الامتناع، هذا حكم التأجيل بالتسليم، وأما الإنظار بالتسمية أو بالتعيين فلا يصح؛ فلها أن تطلب التسمية وكذا التعيين للمهر ولو قد أجَّلت بذلك، فلو أجل بالتعيين مع التسمية
(١) في (ج): «أولى».