تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الوضوء)

صفحة 149 - الجزء 1

  (و) كذلك (مَطْل الغني) وهو: المتمكن من القضاء لما عليه فمطل (و) كذلك مطل (الوديع) للوديعة التي عنده - فإنه ينتقض الوضوء بذلك، وذلك (فيما يفسق غاصبه) وهو: أن يكون قدر عشرة دراهم؛ إذ يفسق بسرقها، فيفسق عند هذا القائل بغصبها، فإذا مطلها وهي دين عنده أو وديعة انتقض وضوؤه حيث يكون الوقت موسعاً، أو مضيقاً وخشي فوت المالك. والمقرر للمذهب أنه لا ينتقض الوضوء بذلك، وسواء كان الدين قليلاً أم كثيراً، وسواء كان الوقت موسعاً أو مضيقاً وخشي فوت المالك - فإنه لا ينتقض الوضوء بذلك؛ لعدم التفسيق عندنا بالقياس على السارق؛ لاحتمال أن يكون للحرز تأثيرٌ، فهو جزء العلة الموجبة للفسق، فالعلة⁣(⁣١) أخذ العشرة الدراهم مع كونها من حرز خفية، وهنا لم يوجد إلّا جزؤها - وهو مطل العشرة الدراهم - ولم يوجد باقي العلة، وهو كونه من حرز. هذا إن لم يتأذ صاحب الدين أو الوديعة بالمطل عن التسليم، لا إن تأذ انتقض الوضوء بالمعصية، وهي أذى المسلم، لا لكونه يفسق بالمطل.

  وأما الصلاة فلا تصح بالمطل للقليل؛ لأنه عاص بالمضي فيها، ومأمور بالخروج منها لغيرها، وسيأتي في الصلاة تمام البحث في ذلك، من أنه في أول الوقت مطلقاً، وفي آخر الوقت مع المطالبة وهو يخشى فوت المالك كما يأتي ذلك إن شاء الله تعالى.

  فَرْعٌ: ومن معه كتب موقوفة يمنعها ممن يطلبها لا ينتقض وضوؤه بذلك، إلا أن يحصل بذلك أذية فمن أذى المسلم ينقض [مع التعمد]⁣(⁣٢)، فتأمل.

  مَسْألَة: ولمس الفرج والمرأة لا ينقض الوضوء، أمّا الفرج فلما روي أن رجلاً قال: يا رسول الله، ما ترى في مس الذكر للرجل بعد ما توضأ؟ فقال ÷: «هل هو إلا بَضْعَة منك»، وعن أمير المؤمنين [#] أنه قال: (ما أبالي أنفي مسست أو أذني أو ذكري)، وما يروى عنه ÷: «إذا مسَّ أحدكم ذكره فليتوضأ» محمولٌ على الندب؛ جمعاً بين الأدلة، وقد ضعف أيضاً، قال يحيى بن معين: لا يصح حديث في


(١) في (ج): «والعلة».

(٢) ما بين المعقوفين من هامش شرح الأزهار.