تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في حكم الإفضاء وما يتعلق به

صفحة 165 - الجزء 3

  شهوتها وبلوغ وطرها. لا يقال: فهلا كان كمن أمر غيره بقطع يده فهو يلزمه الأرش؛ إذ لا يستباح بالإباحة، فلا يفيد رضاها؛ لأن ذلك يعود به الغرض عليها، فسبيله سبيل من قال لغيره يقطع يده المتآكلة. هذا إن كانت بالغة عاقلة، وإلا فلا حكم لرضاها، فيلزمه الأرش والمهر حيث لم تكن صالحة، وإن كانت صالحة لزمه الأرش جميعه ونصف المهر؛ لأنه يجب عليه الحد، ولم يدخل الأقل تحت الأكثر؛ لأن الجناية ينفك الوطء عنها فتغايرا، كلو وطئها وقطع يدها فلا يتداخلان.

  الثاني: أن تكون المرأة (بكرا) حقيقة، يعني: بكارتها باقية، فلو كانت ثيبا مكرهة فلا شيء لها من المهر لذلك الوطء؛ إذ لا يجتمع عليه حد ومهر، فإن أفضاها لزم لها الأرش، وهو الدية أو ثلثها مع أرش الجائفة إن حصلت، وتكون على العاقلة إن جهل، وإلا فعليه.

  فحصل من هذا أن الْمَزْنِي بها إن كانت مطاوعة فلا شيء لها من المهر والأرش مطلقا بكرا وثيباً مع البلوغ والعقل، وإن كانت مكرهة فالثيب لا شيء لها؛ لوجوب الحد، ولا يجتمع غرمان في المال والبدن، إلا إذا أفضاها وجب الأرش، وإن كانت بكرا وجب لها نصف المهر وإن لم يفضها، فإن أفضاها وجب مع ذلك الأرش، فافهم أن لزوم نصف في حق البكر المكرهة إنما هو لإذهاب بكارتها بالزنا لا له وللإفضاء، فللإفضاء أرش آخر الدية أو ثلثها. ووجه وجوب نصف المهر لأنه جان يلزمه الأرش، وأرش البكارة مهر المثل كاملاً، لكن لما أقيم عليه الحد سقط عنه نصفه؛ لذلك. لا يقال: هذا تحويل على من عليه الحق، ومن أصولكم عدم ثبوته؛ إذ المراد مع عدم تيقن السبب ممن هو عليه، وهنا قد علم أنه منه، أي: موجب الأرش، لكن سقط عنه النصف في مقابل إقامة الحد عليه، فتأمل.

  وإنما يلزم النصف فقط إن أزال البكارة (بالمعتاد) وهو الإحليل؛ ليكون بذلك زانياً فيلزمه الحد، فيسقط عنه لأجل الحد نصف المهر (و) أما إذا أزال بكارتها (بغيره) كبإصبعه أو عود أو نحو ذلك فإنه يلزمه المهر (كله) ولا يسقط عنه شيء؛ لأنه لا يلزمه الحد لذلك فلا يسقط عنه النصف، وسواء كانت مكرهة أو راضية؛