(فصل): في ذكر العيوب التي يفسخ بها النكاح:
  أفسخه، أو نحو ذلك: أجزت، أو قبلت، مما يدل على رضاه بذلك العيب، والذي في حكمه إما بأن يعقد أو يجيز وهو عالم بالعيب، وفي المرأة أن تأذن بالعقد أو تجيزه أو تسكت وهي بكر سكوت رضا بعد أن علمت بالعيب أو طلبت المهر أو نحو ذلك؛ ومن ذلك أن يطأ المعيبة أو يخلو بها بعد أن علم بعيبها وأن له الفسخ بذلك فإنه يكون في حكم الرضا، وسواء كان ذلك العيب الرتق أو غيره، وسواء علم أن وطئه أو دخوله مبطل لخياره أم لا؛ إذ لا يفترق الحال في إسقاط الحقوق بين العلم والجهل، وأما إذا دخل بها غير عالم بالعيب أو علم به ولم يعلم أن له الفسخ فإنه لا يبطل خياره بذلك كما يأتي على قوله ¦: «ما لم تمكن عالمة بالعيب وثبوت الخيار»، وكذا المرأة لو كان الرجل هو المعيب فمكنته أو خلت به مع علمها بالعيب وأن لها الخيار فإنه يبطل خيارها بذلك ولو جهلت أن ذلك يبطل الخيار، لا إن لم تعلم أن لها الخيار فلا يكون ذلك رضا، فتأمل.
  والرضا بالقول كالفعل يعتبر أن يكون قد علم أن له الفسخ وإلا لم يكن رضاً، وهو ظاهر إطلاق عبارات أهل المذهب، فتأمل.
  وأصل فسخ النكاح بالعيب ما روي عنه ÷: أنه تزوج امرأة من بني غفار فدخلت عليه فرأى في كشحها وضحاً وقال: «دلستم عليَّ»، وعن زيد بن علي @ عن أبيه عن جده عن علي # قال: (ترد النساء بأربعة أشياء: الجنون والجذام والبرص والرتق).
  والعيوب التي يفسخ بها النكاح محصورة، وهي على ثلاثة أوجه: ما يعم الرجل والمرأة، أعني: من وجد فيه ذلك فللآخر فسخه به. وما يكون في الرجل فقط. وما يكون في المرأة فقط. فالذي يعمهما خمسة أشياء:
  الأول: (بالجنون) فمن وجد فيه من أي الزوجين فللآخر فسخه به، وهو زوال العقل بالكلية إما على جهة الاستمرار أو كان يعرض في وقت دون وقت، وذلك كالصرع فإنه يرد به أيضاً؛ لما فيه من الوحشة ولو تباعدت أوقاته كفي الثلاثة الأشهر أو أكثر، وكذا لو لم يزل العقل بالكلية وكان لا يعقل الخطاب فإنه يرد بذلك النكاح،