تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في ذكر العيوب التي يفسخ بها النكاح:

صفحة 169 - الجزء 3

  فإن كان يعقل الخطاب لم يرد به النكاح إلا أن تخشى المرأة منه ضرراً حال جنونه فلها فسخه، وكذا الزوج؛ فلو جن قبل العقد أحد الزوجين ولم يعلم الآخر إلا بعده فإنه لا يرد نكاحه به إلا إذا عاد، لا بالذي حصل من قبل.

  (و) الثاني: (الجذام) فيفسخ به النكاح أيضاً إذا كان تعاف معه العشرة، لا باليسير الذي لا تعاف معه، وإذا كان تعاف معه العشرة فإنه يرد به ولو يسيراً، ولزوجة المجذوم وأمته أن تمنعه من وطئها بعد رضاها، ولو مكنته ثم منعته من بعد فلها ذلك؛ لأنه بوطئه لها يدخل عليها ضرراً فلها أن تمتنع من الوطء، وأما الفسخ بعد التمكين بعد العلم فليس لها؛ وإذا جاز لها الامتناع منه فإنها لا تكون ناشزة، وتستحق النفقة وغيرها مما يلزمه لها ولو كانت ممتنعة لأجل ذلك.

  (و) الثالث: (البرص) وهو كالجذام، والقدر المعتبر في ثبوت الفسخ به ما كان تعاف معه العشرة من كثير أو قليل ولو ببدو الأوضاح من الجذام أو البرص إذا كان تعاف العشرة مع تلك الأوضاح. والقول لمنكر وجود الجذام والبرص، ويبيِّن مدعي ذلك بشاهدين من أهل الخبرة أن ذلك برص أو جذام، وهو يقع التناكر ويحتاج إلى أهل المعرفة في بدوه لا بعد ظهوره.

  وهو يعرف أوائل الجذام - أعاذنا الله من كل بلاء في الدنيا والآخرة - بانخساف الصدغين وتغير العينين والصوت وورم الأنف. ويعرف البرص بعركه، وكذا إذا لم يحمر مكانه بعد رفع ما غمر به، وكذا خضبه بالحناء فلا يحمر.

  وأما الإكلة بالكسر فإنه لا يفسخ بها النكاح، وكذا نار فارس - أعاذنا الله من كل داء - فإنه لا يفسخ بها النكاح، ويجوز للزوجة الامتناع من زوجها، ولا تكون ناشزة، وتستحق عليه ما يلزمه لها من النفقة، وكذا الجرب والحب من غيره والحكيك وغيرها من سائر الأمراض - حسبنا الله ونعم الوكيل - فلا يفسخ بها النكاح وإن جاز للزوجة الامتناع فيما كان يتوهم فيه العدوى وتعاف معه العشرة من غير المنصوص عليه، والله أعلم.

  ويثبت الفسخ بأحد هذه الأمور الثلاثة (وإن عمهما) ذلك العيب بأن يوجد فيهما