تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في ذكر الباطل من النكاح والفاسد وأحكامهما، وذكر الفرق بينهما:

صفحة 188 - الجزء 3

  لو كان القائل بوقوعه هو القائل بصحة النكاح بينهما أو لا يقع؛ لما في عدم صحته كذلك من الخلاف فيوافقان القائل الآخر بعدم صحة هذا الطلاق؟ فالمقرر أن ما فعلاه من هذه الأمور معتقدين لوقوعه أو عدمه يقع ما تراضيا عليه مهما وقع من طلاق أو نكاح أو صحة أحدهما أو بطلانه وإن وافقا في الأمر الآخر - وهو الطلاق - غير الإمام الموافقين له في صحة النكاح، ما لم يكن ذلك خارقاً للإجماع، وإن لم يتراضيا بل اختلفا عمل على المرافعة والحكم، فما حكم به الحاكم لزمهما ظاهراً وباطناً، فتأمل، والله أعلم.

  (و) أما (فاسده) - يعني: النكاح - فقد بينه الإمام ¦ بقوله: هو (ما) إذا كان الزوجان لهما مذهب اجتهاداً أو تقليداً أو مذهب شيعتهم ودخلا في نكاح (خالف مذهبهما) جميعاً، بأن يكون بغير شهود أو شهود فسقة ومذهبهما اعتبار ذلك (أو) خالف مذهب (أحدهما) دون الآخر فهو يقول بصحته؛ وإنما يكون ما خالف مذهبهما أو أحدهما فاسداً حيث يكونان (جاهلين) لاعتبار الشهود مثلا حال العقد ولو علما بعد اعتباره فلا يعتبر استمرار الجهل إلى الوطء، بخلاف الباطل فقد اعتبر استمراره إلى الوطء. وهذا حيث خالف مذهبهما جميعاً، وأما إذا خالف مذهب أحدهما فقط فإنه يعتبر الجهل في حق من مذهبه عدم الصحة إلا بذلك، لا الآخر فسواء علم أو جهل⁣(⁣١)؛ وأما إذا علما أو علم من مذهبه اعتبار ذلك الأمر الغير الحاصل كعدم الشهود فإنه يكون باطلاً، وقد مر.

  (و) لا يكون ذلك النكاح فاسداً إلا إذا (لم يخرق الإجماع) بل قد قال به قائل من أهل العلم، فإن خرق الإجماع فباطل، وقد مر.

  فمهما جمع العقد الثلاثة الأمور - بأن يخالف مذهبهما أو أحدهما وهما جاهلان ولم يخرق الإجماع - فهو فاسد. ومن الفاسد تزويج العبد المشترك قبل قبضه، أو تزويج الأمة قبل قبضها.


(١) لكنه يشترط أن يكون العالم المستجيز جاهلاً أن مذهب الآخر التحريم، وإلا دخل فيما يعتقده حراماً. (é) (من هامش شرح الأزهار).