(فصل): في ذكر الباطل من النكاح والفاسد وأحكامهما، وذكر الفرق بينهما:
  (و) أما أحكام النكاح الفاسد فقد بينها ¦ بقوله: (وهو كالصحيح) في جميع أحكامه، من جواز الوطء، وثبوت التوارث لو مات أحدهما، ولزوم المهر مع الدخول، ولحوق النسب، وسائر أحكام الصحيح ولو بعد أن يعلما أنه خلاف مذهبهما؛ إذ دخولهما فيه مع الجهل بمنزلة الاجتهاد، والاجتهاد الأول بمنزلة الحكم، فلا يلزمهما الخروج منه مع تراضيهما بالبقاء عليه، ولو ترافعا إلى حاكم وحكم بصحته فالأولى أنه كالصحيح، بل صحيح من كل طرف، وإن حكم ببطلانه لم ترتفع الأحكام التي قد ثبتت له(١) من قبل الحكم، من تحريم الأخت، والخامسة، وتحريمها عليه لو قد طلقها ثلاثاً قبل الحكم ثم فسخ بالحكم حتى تنكح زوجاً غيره، فلو عقد بأربع وهي معه ثم تعقب الحكم ببطلانه فإن العقد بالأربع أو بالرابعة لا يصح، لأنها خامسة عند العقد وإن انكشف انفساخ النكاح بينه وبين الأول لفساد العقد بينهما.
  وإنما تبطل أحكام النكاح الفاسد بعد الحكم في المستقبل فقط، ولو تراضى الزوجان على البقاء على هذا العقد الفاسد ثم بدا لهما من بعد أن يفسخاه بعد التراضي على بقائه [فإن كان التراضي على بقائه](٢) من دون التزام مذهب من يقول بصحته كان لهما فسخه من دون حكم، وإن التزما مع تراضيهما على البقاء مذهب من يقول بصحته لم يكن لهما أن يتراضيا بعدُ على فسخه، بل لابد من حكم الحاكم بذلك، وإلا لم يصح الفسخ إن كان النكاح الفاسد يخالف الصحيح قبل الحكم، وأما بعد الحكم بالصحة فهو كالصحيح في جميع الأحكام، وبالفساد كالباطل من بعد الحكم، لا قبله فكالصحيح (إلا) في سبعة أحكام:
  الأول: (في الإحلال) للمرأة المطلقة ثلاثاً، فإنها لا تحل للأول بوطء الثاني لها عن نكاح فاسد، والعبرة بمذهبها والزوج الآخر، لا الأول، فإن اختلفا فبحكم الحاكم ومذهبه(٣).
(١) في (ج): «به».
(٢) ساقط من (ج).
(٣) في (ج): بمذهبه.