تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في معاشرة الأزواج وما يلحق بذلك:

صفحة 208 - الجزء 3

  وجوبها مع البعد بينهما قدر الميل كما مر؛ فإن بات في الميل بالتي سافر بها عند الذهاب أو الإياب فإنه يجب عليه القضاء للأخرى. وإذا سافر بجديدة أو ممطولة اندرج تحته حق الزفاف وكان قضاء لما مطلت فيه، وسواء قرع بينهن أم لا.

  مَسْألَة: (و) لا يجوز للرجل (العزل عن) زوجته (الحرة) والمراد بالعزل أن يترك إنزال المنيّ في رحمها، بل إذا قارب خروجه نزع ذكره فيصب الماء خارج الرحم، فذلك لا يجوز إذا كانت زوجته حرة، سواء كانت كبيرة أم صغيرة أو مجنونة مميزة، إلا (برضاها) بالعزل فيجوز ولو صغيرة كهبة النوبة، ويكفي الظن في حصول الرضا.

  (و) يجوز له العزل (عن الأمة) المملوكة له، وكذا يجوز في حق الأمة المزوج بها وهي ملك لغيره (مطلقًا) يعني: رضيت الأمة المملوكة أو المزوجة أم كرهت، وسواء رضي سيد الأمة المزوجة أم كره؛ وذلك لأن العلوق علوق رق، فللزوج أن لا ينزل في رحم الأمة؛ لئلا يكون أولاده أرقاء وإن قد شرط حريتهم لذلك؛ ولذا يثبت الولاء على مشروط⁣(⁣١) الحرية، فهو معتق وليس بحر أصل، وقد جاء عنه ÷: «يعزل عن الأمة وتستأمر الحرة»، ولا فائدة في التعليل بعد هذا إلا لبيان الوجه. لا يقال: الوطء حق للزوج، فلِمَ لا يجوز له العزل عن الحرة وإن لم ترض؟ فهو كذلك قبل الإيلاج، فإن أولج فقد صار لها حقاً في الإنزال في الرحم؛ ولذا لم يجز إلا برضاها، والله أعلم.

  مَسْألَة: ويجوز للمرأة أكل ما يمنع الحبل؛ لأن لها حقّاً في صلبها، وسواء رضي الزوج أم لا؛ لأنه لا يثبت له حق إلا بعد وجوده؛ بأن قد صارت النطفة في الرحم أو قد صارت علقة - وهي دم غليظ - أو مضغة غير مخلّقة، فإن قد صار كذلك لم يجز لها إلا بإذن الزوج، فإن أذن فلا بأس ولا إثم ولا ضمان؛ لأنه لا حرمة للمضغة أو ما قبلها قبل نفخ الروح فيها، فإن لم يأذن أثمت بذلك ولا ضمان عليها، فإن قد نفخ الروح فيها - وذلك في مدة أربعة أشهر - فإنه يحرم معالجته بالأدوية؛ إذ قد صار له


(١) في المخطوطات: على شرط الحرية. والمثبت من هامش شرح الأزهار وهامش البيان.