تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الغسل)

صفحة 160 - الجزء 1

  فإنه يجوز؛ إذ ليست بقرآن؛ لعدم تلاوتها؛ فهي تكون كالسنة المحكمة.

  وإنما يحرم على الجنب قراءة القرآن ولمسه وحمله حيث يكون القرآن (غير مستهلَكٍ) بغيره. ومعنى استهلاكه: أن يزول عنه اسم القرآن، فإذا قد صار مستهلكاً جاز للمحدِث قراءتُه وحمله وكتابته، وذلك بأن يتخلل كلاماً آخر من تفسير أو في محاجّةٍ أو نحوها حتى صار أقلَّ مما هو مصحوب معه من الكتابة أو الكلام، وهذا هو المقرر في حد المستهلك؛ بأن يصير القرآن أقل⁣(⁣١) من المصاحب له، كتفسير الكشاف ونحوه. وأما لو صاحب تفسيراً أو كلاماً آخر بحيث يكون القرآن أكثر كالجلالين⁣(⁣٢) ونحوه - فإن التحريم للقراءة أو غيرها باقٍ.

  لأنه إذا دخل مع غيره أشبه المفردات من الكلام، كالرجال، ويا أيها الناس، ومحمد، ونحو ذلك، ولا إشكال أنه يجوز التكلم بهذه الألفاظ وكتابتها مع أنها من القرآن، وهي بعض آية، إلا أن يقصد التلاوة، وكذا ما قد صار مستهلكاً بغيره من تفسيرٍ أو نحوه فيجوز التكلم به وكتابته وحمله ما لم يقصد بالتكلم به التلاوة. واستدل على جواز لمس المستهلك وغير آية بكتاب رسول الله ÷ إلى ملك الروم وهو هرقل، مما كتب إليهم: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ}⁣[آل عمران ٦٤] وهي من القرآن، مع أنه لا يجوز تمكين الكافر من فعل المحرّم، ولو كان يحرم عليهم لمسها ما كتبها إليهم؛ لأنه لم يصح تَطَهُّرهم من الجنابة، فيؤخذ منه جواز لمس ما فيه القرآن إذا كان مستهلكاً، فتأمل.

  فائدة: ولو تنجس فم غير الجنب ونحوه كره له قراءة القرآن قبل تطهير فمه ولا يحرم، لا الأكل والشرب فلا يجوز إلا عند الضرورة.

  فائدة: وتحرم كتابة القرآن بشيء نجس أو متنجس، أو وضعه عليهما، ومسه بعضو متنجس رطباً، لا جافاً.


(١) وأما إذا كان أكثر أو مساويًا أو التبس الحال حرم؛ تغليبًا± لجانب لحظر. (é). (شرح).

(٢) أي: كتفسير الجلالين، واحد من تفاسير أهل السنة مسمى باسم اثنين كلاهما جلال الدين، وهما جلال الدين محمد بن أحمد المحلي، وجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي.