تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الفراش)

صفحة 368 - الجزء 3

  لكونها مطلقة أو مفسوخة، فلو راجعها أو عقد بها بعد الفسخ ففعلت الآخر لم تطلق به، ما لم يتعدد الجزاء لكل واحد فإنه يتكرر وقوع الطلاق بتكرر فعل ذلك المعلق به، لو قال: إن أكلت فأنت طالق إن شربت فأنت طالق، فمتى أكلت طلقت ولو كانت قد طلقت بأن شربت قبل؛ لتعدد الجزاء في كل منها، فافهم.

  وإنما فرق بين هذه الصورة والصورة الأولى التي جعل الحكم فيها للأول حيث تعدد الشرط بلا عطف وتقدم الجزاء: أن الجزاء إذا تقدم لم يتقيد إلا بما يليه من الشروط، ولا تعلق له بما بعده منها؛ لعدم⁣(⁣١) العاطف، وفي الصورة الثانية لما تأخر الجزاء وتقدم الشرط عاد إليها أجمع؛ إذ لا اختصاص له ببعض دون بعض، وأما في صورة العطف بـ «أو» فذلك ظاهر؛ إذ هي للتخيير، وأما صورة العطف بـ «الواو» مع «إن» فلعله يقال: لما أتى بـ «إن» مع ما يقتضي الجمع - وهو الواو - فذلك مفيد لإرادة أنها تطلق بواحد منها، والله أعلم.

  فَرْعٌ: فإن جاء بالجزاء متقدماً ومتأخراً حيث يجعل لتأخره حكم غير حكم تقدمه، وهو حيث يتعدد الشرط لا بعطف، نحو أن يقول: أنت طالق إن أكلت إن شربت إن ركبت فأنت طالق، فإن أراد بالجزاء المتأخر تأكيد الأول فالحكم للأول لا لما بعده، وإن لم يرد به التأكيد: فإن فعلت أولاً الملفوظ به أولاً وقع عن الشرطين جميعاً وانحل تعليق الطلاق به وبغيره، فلا تطلق لو راجعها بعد لو فعلت أحد الأمرين، وذلك عملاً بتقدم الجزاء، وإن فعلت أحد الأخيرين أولاً طلقت ولا ينحل التعليق، فإذا فعلت بعد أن راجعها الآخر من الأخيرين أو الأول طلقت؛ لتقدم الجزاء، فتأمل. فإن التبس هل تقدم الجزاء أم تأخر: فإن فعلت الأول طلقت بلا إشكال، وإن فعلت أحد الآخرين لم تطلق؛ إذ يحتمل أن الجزاء متقدم، والأصل بقاء النكاح، فإن التبس هل فعلت الملفوظ به أولاً أو أحد الأخيرين طلقت واحدة فقط؛ حملاً على أنها فعلت الملفوظ به أولاً وينحل الشرط.


(١) في (ج): «بعد».