(باب الفراش)
  مَسْألَة: (و) إذا عطف الشرط المتعدد (بالواو) فقط من دون «إن» فالحكم (لمجموعه) يعني: لمجموع ذلك المتعدد، كأن يقول: إن أكلت وشربت وركبت فأنت طالق، فلا تطلق إلا بفعل الثلاثة، لا بواحد، وسواء فعلتها مترتبة في الفعل كاللفظ أو فعلت أولاً المتأخر في اللفظ، وسواء تقدم الجزاء أو تأخر.
  فلو عطفها بالفاء، كإن أكلت فشربت فركبت - فإنه يعتبر أن تفعل تلك الأمور مترتبة وتطلق بفعل جميعها كذلك مع التعقيب للثاني في أثر الأول، والثالث في أثر الثاني وكذا ما تعددت. والمراد بالتعقيب أن تفعل الثاني على الفور بعد الأول. والفور أن لا يمضي وقت يمكن فيه فعل الثاني إلا وقد فعلته.
  فلو عطفها بـ «ثم» كإن أكلت ثم شربت ثم ركبت فأنت طالق، فكذلك تطلق بفعل الجميع لا بواحد أو اثنين، ولا بد أن تفعلها بالمهلة مع الترتيب، فتفعل الأول ثم الذي يليه ثم الذي يليه بمهلة. وحد التراخي: أن يمضي وقت بعد الفعل الأول يمكن فيه الفعل الثاني ولم تفعل، فإن فعلت الثاني فوراً لم تطلق، إلا أن تفعل الآخر بعدُ طلقت بوقوعه متراخياً، كما أنها في «الفاء» إذا فعلته بتراخٍ لم تطلق؛ إذ هذا معنى «الفاء» و «ثم» لغة، بخلاف «الواو» فهي لمجرد الجمع ولا تفيد ترتيباً ولا فوراً ولا تراخياً ولا تفيد معية أيضاً كما هو مقرر في مظانه من علم الأصول، ولا يعتبر أن تفعل تلك الأمور معاً، بل مجرد حصولها كافٍ في وقوع الطلاق بها.
  فإن عطفها بـ «بل» نحو أن يقول: أنت طالق إن أكلت بل إن شربت بل إن ركبت، فإنها تطلق بأي واحد منها فعلت ولا حكم لإضرابه عن الأول؛ لأنه بمنزلة الرجوع، والرجوع عن الشرط لا يصح، وينحل الشرط بفعل واحد، فإذا راجعها بعد ذلك وفعلت الآخر لم تطلق بفعله، وذلك لأن الجزاء واحد، ولأنه لم يرد إلا طلاقاً واحداً، ولكل امرءٍ ما نوى مع الاحتمال. وهذا الحكم في العطف بـ «بل» سواء أتى معها بـ «إن» كأنت طالق إن فعلت كذا بل إن فعلت كذا بل إن فعلت كذا، أو لا، كأن يقول: بل كذا بل كذا، فتأمل، ولعل هذا حيث تقدم الجزاء، وإلا فالحكم للآخر؛ لصحة الإضراب عن الشرط الأول قبل الإتيان بالجزاء، ويتأمل.