(فصل): في بيان الحلف بالطلاق:
  بين تقدم الاستثناء وتأخره كما مر. فإذا(١) لم يرد شيئاً(٢) من أحد الاحتمالات المتقدمة فلعله يحمل على الاحتمال الأخير، وهو الأظهر، والله أعلم.
  مَسْألَة: (و) الاستثناء بلفظ (غير وسوى) ومثلهما «خلا» و «عدا» و «ما خلا» و «ما عدا» فذلك (للنفي) يعني: تفيد نفي ما يفهم به معنى ما قبلها، لا إثبات ما دخلت عليه فيما لو قال: لا أملك غير عشرة، أو سوى عشرة، فمعناه نفي ملكه لما عدا العشرة ولا يفيد الإثبات للعشرة، وفائدة ذلك في اليمين؛ فلا يحنث لو كان لا يملك عشرة، ولا يعد كاذباً. وكذا في الإقرار؛ فلا يلزمه للمقر له العشرة، هذا يخالف العرف، فهو قاضٍ بأنها تفيد نفي ما عدا العشرة وإثباتها، فتلزمه للمقر له، ويكون كاذباً في إخباره إن لم يكن مالكاً للعشرة، بل دونها أو لا شيء، وهو المختار (و) ذلك كما في الاستثناء بـ (إلا) فإنها (له) يعني: للنفي (مع الإثبات) لما دخلت عليه، لو قال: لا أملك إلا عشرة دراهم، فذلك نفي لما عدا العشرة وإثبات للعشرة، فلو كان لا يملك شيئاً من ذلك العدد أو دون العشرة - لعله أو أكثر منها - فإنه يعد كاذباً، وفي الإقرار تلزمه العشرة للمقَر له لو قال: ما عندي له إلا عشرة؛ قضاء بهذا العرف في جميع ألفاظ الاستثناء، فتأمل، فلا فرق بينهما على الصحيح، ولعل ذلك ثابت لغة وشرعاً، فإن الكافر لو قال: «لا إله غير الله» أو «سوى الله تعالى» فإنه يحكم عليه بالإسلام؛ لإثباته الإلهية لله تعالى، فتأمل.
  فَرْعٌ: فلو حلف: لا أكل هذه الرمانة أو نحوها غيرُه، فألقيت في البحر لم يحنث؛ لعدم أكل الغير لها [والأصل براءة الذمة](٣)، إلا أن يشاهد حيواناً في البحر أكلها أو يغلب في ظنه ذلك حنث. ولو حلف لا أكلها إلا هو، فألقيت في البحر حنث؛ لأنه لم يأكلها هو ولو(٤) لم يظن أكل غيره لها، فتأمل؛ إذ المحلوف منه في الصورة الأولى هو
(١) في (ج): «فإن».
(٢) هذا هو المذهب كما في البيان (٢/ ٤٧٩)، لكنه ذكره في البيان قبل قوله: وفي المسألة احتمال ثالث ... إلخ.
(٣) ساقط من (ج).
(٤) في (ج): ولم.