(باب الخلع)
  صارت بائنة في يد نفسها باتفاقهما على وقوع الخلع(١)، ولا يصح الرجوع منها في الإقرار، ولا تحل له إلا بعد زوج؛ لقولها: «إنها ثلاث».
  مَسْألَة: وإذا جاءت المرأة بلفظ الكناية نحو أن تقول له: «أبنّي بألف» أو «سرحني بألف» ومن ذلك لفظ «خالعني» فقال الزوج: أبنتك أو سرحتك أو خالعتك، فإن نويا جميعاً الطلاق وقع خلعاً، وإن لم ينوياه لم يقع شيء؛ وذلك لأن الكناية [منهما] مع النية كالصريح، ومع عدمها منهما كالمعدوم، وكذا إذا نوته هي دونه فلا حكم لنيتها؛ لأن الطلاق بيده، وإن نواه دونها وقع الطلاق رجعياً - ولا يكون خلعاً، ولا يلزمها العوض؛ لأنه قد نوى الطلاق فيقع رجعياً، وهي لم تنو العوض - إلا أن يكون ذكر العوض عند جوابه [بأن قال: «أبنتك على ألف» لم يقع الطلاق بائناً ولا رجعياً؛ لأنها لم تقبل العقد، فإن قبلته الزوجة](٢) وقع خلعاً، فتأمل.
  مَسْألَة: وإذا قال: «طلقتك على أن تزوجي فلاناً» أو «على أن لا تزوجيه» فقبلت طلقت، ولها الخيار من بعد في الزواجة وعدمها. وكذا لو قال: «بشرط أن لا تزوجي فلاناً» فإنه يكون عقداً إذا قبلته طَلَقَت وكان لها الخيار من بعد؛ لأن ذلك لا يستعمل في العادة للشرط في هذه الصورة. وأما إذا طلقها على أن لا تدعي مهرها فقبلت فإنه يقع الطلاق رجعياً؛ لأن البراء من الدعوى ليس إبراءً من الحق.
  مَسْألَة: وإذا طلقها مشروطاً بردها ما أخذت عليه - يعني: ما ملكته من جهته(٣) - ثم ردته واختلفا في قدره فالقول قول الزوج؛ لأن الأصل عدم الطلاق، وإن كان مما يقبل قولها فيه كالوديعة ونحوها فيقبل قولها؛ لبراءة ذمتها، لا لوقوع الطلاق فعليها البينة بالرد. وإن طلقها على رد ذلك فقبلت ثم اختلفا في قدره فالقول قولها، والطلاق بائن حيث يكون لفظ الرد يفيد تمليك ما ردته عليه إذا كان قصده بردها تملكه ذلك، وإلا فلعله يكفي الرد، فتأمل، والله أعلم.
(١) في المخطوطات: الطلاق. والمثبت من البيان (٢/ ٥١٢).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).
(٣) في المخطوطات: يعني تملكه من جهتها. والمثبت من هامش البيان (٢/ ٥١٣).