(فصل): في أحكام تتعلق بالطلاق
  صح ذلك بائناً وكان مشروطاً بالرجعة، فمتى راجعها طلقت الثانية، ثم متى راجعها طلقت الثالثة، وإن لم يقل ذلك ولا نواه - لم يقع من ذلك الطلاق إلا واحدة.
  وحيث يوقع أكثر من ثلاث بلفظ واحد أثم بالزيادة ووقعت واحدة على قولنا: «إنه لا يتتابع الطلاق» كما لو أوقع ثلاثاً أثم للبدعة ووقع واحدة فقط لذلك، والله أعلم.
  مَسْألَة: إذا طلق امرأته ثلاثاً بلفظ واحد أو بألفاظ قبل تخلل الرجعة بين كل لفظين وهو يرى وقوعها الكل أو واحدة فقط ثم تغير اجتهاده أو تقليده لترجيح حصل له - عمل بالاجتهاد أو التقليد الأول؛ إذ هو بمنزلة الحكم، وإن كان لا مذهب له في ذلك ولا حصل له ظن وقوع ذلك ولا عدمه فلعله يقال: هو على ما يترجح له من بعد إن حصل له ترجيح، وإلا فعلى ما يختار من أحد المذهبين بعد أن تبين له المذهبان فيختار أيهما شاء، وإن كان مقلداً عالِماً لكن جهل مذهبه في تلك الحال ولم يظنه موافقاً له بحث عن مذهبه وعمل به، وإن ظن أنه موافق لقوله - لعله يقال: بعد البحث وعدم إمكان العلم بذلك؛ إذ هو الواجب، فإن لم يمكن العلم بمذهب من قلده بعد البحث عمل بالظن - وإذا ظن الموافقة أو لم يكن مقلداً لأحد ولكنه يظن وقوع ذلك كله(١) فإن ذلك يكون مذهباً له، بمعنى أنه يعمل في ذلك بما قد حصل له من الظن، وكذا في سائر مسائل الخلاف، لا أنه يكون مذهباً له بحيث إنه لا ينتقل إلى غيره إلا لترجيح، بل يجوز العمل بذلك ولا يصير به ملتزماً لذلك المذهب، وأما في تلك المسألة فهو يعمل بذلك الظن فيها وقد صار كالحكم فلا ينتقل عنه ولو لمرجح إلا في حادثة أو امرأة أخرى، فتأمل.
  فَرْعٌ: وإذا قال: «أنت طالق أكثر الطلاق» أو «ملء الدور» أو «ملء الأرضين» أو «ملء السماوات» بجمع المضاف إليه، فهو كما لو لم يجمع وقال: «أعظم الطلاق» أو «ملء الأرض» أو «ملء السماء» أو «ملء العالم» أو نحو ذلك - فإنه يقع طلقة واحدة في الكل، والله أعلم.
(١) في (أ) بياض مكان «كله»، وفي (ب، ج) كلمة غير معروفة. والمثبت من البيان (٢/ ٥١٩).