تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الخلع)

صفحة 500 - الجزء 3

  فلو نوى ثلاثاً مع قوله: «أنت طالق» فهل يكون للنية تأثير في مصيره بدعياً أم لا؟ ينظر.

  (و) الثالث: أن الطلاق (لا تلحقه الإجازة) لو طلقه فضولي عن الزوج لم يصح من الزوج إجازة ذلك الطلاق، فإن أجاز لم يقع؛ وذلك لأن الطلاق من الاستهلاكات، وهي لا تلحقها الإجازة كالعتاق والإجارة، وسواء طلق الفضولي كناية أو صريحاً. «غالباً» يحترز بذلك من الخلع إذا كان عقداً فإنها تلحق الإجازة فيه من الزوج وتكون مخالعة الفضولي طلاقاً عنه، فأما إذا كان شرطاً فإنها لا تلحقه الإجازة كالطلاق بغير الخلع، فتأمل، والله أعلم.

  والرابع: أن الطلاق لا يتبعض لو قال: أنت طالق نصف طلقة أو ربعها أو نحو ذلك (لكن يتمم كسره) فتطلق طلقة كاملة، وكذا تمليكه وتوكيله، لو ملك نصف طلقة تمم، وكذا التوكيل. ومن ذلك أن يقول لنسوة له أربع: بينكن طلقة، ومعناه على كل واحدة ربعها - فإنه يقع على كل واحدة طلقة؛ إذ طلق كل واحدة ربعاً، وهو يتمم الكسر لكل ربع، فظهر لك أن الطلاق لا يتجزأ ولو أوقع جزءاً يسيراً كمن ألف [جزء] جزءاً فإنه يكمل طلقة كاملة، وإن أضاف ذلك البعض إلى طلقتين وقع ثنتان، بمعنى كأنه طلقها طلقتين في لفظ، وفائدته على قولنا: «إن الطلاق لا يتبع الطلاق» هو أن يصير ذلك الطلاق بدعياً؛ لكونه طلقها كذلك، وذلك كأن يقول: ربع طلقتين أو نصفهما أو عشرهما، وإن أضافه إلى الثلاث فكذا أيضاً، ولذلك فائدة أخرى على أصلنا: لو نوى مع تخلل الرجعة بين كل طلقتين وصادقته وراجع كذلك - بانت بوقوع الثالثة بعد المراجعة عن الثانية، فتأمل. فلو ذكر أجزاء كثيرة مضافة إلى طلقة واحدة وتلك الأجزاء تزيد على الواحدة نحو ثلاثة أنصاف طلقة أو خمسة أرباعها فكأنه طلقها ثنتين⁣(⁣١) بلفظ واحد؛ لأن الأجزاء واحدة وزيادة، فتقع


(١) وقال الكافي وبعض أصحاب الشافعي: واحدة فقط. (بيان ٢/ ٥١٤). قال في الهامش نقلاً عن البستان: وحجة الآخرين أن الزائد يلغو؛ لأن الطلقة الواحدة ليس لها إلا نصفان أو أربعة أرباع.