(باب العدة)
  اعتدادها بالأشهر لو كان الطلاق رجعيّاً ولم يمكن الوطء في مدة الحمل من يوم الطلاق أو في البائن وهو غير لاحق به، وأما إذا كان الطلاق رجعيّاً وأمكن الوطء، أو بائناً وهو يلحق به كما ستعرف ذلك إن شاء الله تعالى فهو تنقضي به العدة للحوقه بالزوج وعدم ارتفاع الفراش، والله أعلم.
  (و) أما المعتدة (المستحاضة) وهي التي أطبق عليها الدم من بعد الطلاق أو من قبله واستمر (الذاكرة لوقتها) وعددها، بأن يحصل لها تمييز الحيض من الطهر من جهة عادتها حيث تكون معتادة، أو بالرجوع إلى عادة قرائبها من قبل أبيها كما مر - فتعمل بذلك حتى يحصل لها كمال العدة، وهذا ظاهر، فإن كانت ذاكرة للوقت دون العدد فالواجب عليها أن (تحرى) في وقت الحيض ووقت الطهر (كالصلاة) يعني: كما تتحرى للصلاة، فتجعل حيضها في وقته، وفي كل وقت يمر عليها هو وقت حيضها تحسب فيه حيضة ولا يضرها جهل العدد، وتتحرى في الحيضة الأخيرة فتجعلها أكثر الحيض، وذلك عشر. مثاله: أن تكون ذاكرة أن عادتها تأتي في أول الشهر، فتجعل في أول شهر يأتي عليها حيضة، ثم في الثاني كذلك، ولا يضرها جهل هل ثلاث تأتي في أول الشهر أو أكثر إلى العشر، ثم إذا كانت الحيضة الثالثة فتتحرى بالأحوط، وهو البناء على عدم انقضاء العدة، وتفرض أن الحيض في هذه المدة عشر. ولها النفقة والكسوة في مدة العشر، وله مراجعتها فيها إذا كان الطلاق رجعياً؛ لأن الأصل عدم انقضاء العدة، فإذا مضت العشر علم انقضاء العدة (وإلا) تكن ذاكرة للوقت بل ناسية له مع العدد أو نسيته وحده ولم يمكنها الرجوع إلى عادة قرائبها، وذلك بأن لا يوجدن أو حيث لا يمكن الرجوع إليهن كما مر تحقيقه في موضعه (تربصت) لمعرفتها مدة الحيض من الطهر أو تحصل مدة اليأس ببلوغ الستين فتعتد بالأشهر، وظاهر إطلاق الأزهار هنا وجوب التربص عليها في هذه الصورة ولو علمت أنه يأتيها الحيض في كل شهر مرة من قبل العادة فلا فائدة في هذه المعرفة؛ لجهل الوقت مع العدد أو وحده؛ إذ الجهل يصير الوقت جميعه استحاضة، فتأمل، والله أعلم.
  وقد جعلنا الشرح في هذه الحمرة من أوله حاصلاً مفيداً، فتأمل موفقاً إن شاء الله تعالى، والحمد لله رب العالمين.