(باب العدة)
  أقر بأنه بائن وصادقته، وأن لا يجد السبيل إلى الحرة حيث المطلقة أمة، وأن لا تمر ثلاثة أشهر في المجنونة، وأن لا يكون آلى منها حيث مضت أربعة أشهر ولم يفيء، فمتى كانت الرجعة جامعة لهذه القيود فهي رجعة صحيحة بالإجماع، فلا يعتبر في ذلك رضا الزوجة ولا أهلها، وإن كانت مختلفاً فيها فإما أن يتفق مذهبهما أو يختلف، فمع اتفاق المذهب إن تراضيا صحت الرجعة، وإن كانت صغيرة أو مجنونة اعتبر رضا وليها، وإن تشاجرا أو كانت مخالفة له في المذهب لم يجز لها أن ترضى إلا بحكم، فمتى حصل الحكم في الطرفين صحت الرجعة، والحكم إنما هو لقطع الشجار، وأما الرجعة فقد صحت، دليل ذلك لو راجعها ثم انقضت عدتها قبل الحكم أو المراضاة وحصل أحدهما من بعد صحت الرجعة ولا حكم للانقضاء، ولو قلنا: لا تصح الرجعة إلا بالحكم لما كان للحاكم بعد انقضاء العدة أن يحكم بالرجعة، وليس كذلك، فتأمل، ومهما اختلف مذهبهما أو تشاجرا منع منها ومنعت من التزويج بغيره حتى يحكم بينهما حاكم بصحة الرجعة أو بطلانها(١)، والله أعلم.
  (و) تصح الرجعة أيضاً (مشروطة) إما (بوقت) كإذا جاء غد فقد راجعتك، فمتى طلع فجر الغد ثبت حكم الرجعة، بشرط أن يجيء الفجر قبل انقضاء العدة، لا بعده فلم يراجعها إلا بعد خروج العدة، وهو لا يصح، فإن تقارنا خروجها من العدة وطلوع الفجر فلا رجعة؛ لأن الرجعة إنما تقع عقيب [حصول] الشرط، وهنا لا يحصل عقيبه إلا وقد بانت(٢). فإن التبس هل حصل طلوع الفجر قبل الكمال أو بعده ينظر؟ (أو) كانت الرجعة مشروطة بـ (غيره) يعني: بغير الوقت، كبحصول أمر مستقبل حصوله أو ماض أو حالي، فالماضي إن كنت قد دخلت الدار فقد راجعتك، فتقع الرجعة في الحال إن كانت قد دخلت الدار. والحالي: إن كنت قرشية أو إن كان فلان قرشيّاً أو نحو ذلك فتقع إن كان الشرط حاصلاً. والمستقبل: إن جاء زيد فقد راجعتك أو نحو ذلك من الأمور إذا علقت بها الرجعة صح التعليق به وتوقف
(١) في المخطوطات: بطلانه. والمثبت من البيان (٢/ ٥٤٣).
(٢) في (أ، ب): تابت.