(باب التيمم)
  فَرْعٌ: فإن سأل ثم أُخْبِر بعدمه فانكشف وجوده لزمته الإعادة في الوقت، لا بعده؛ عملاً بالانتهاء؛ إذ لم يعص وقد أُخبر بالعدم، وللخلاف بعدم وجوب الطلب، وهو للحنفية: أنه لا يجب، وإنما يرتفع قدر شبر من الأرض إن وجد الماء وإلا تيمم عندهم؛ ولذا لم يلزمه بعد الإخبار بالعدم أن يعيد لو انكشف وجود الماء إلا في الوقت لا بعده.
  (وإلا) يسأل في طلبه، بل طلبه(١) من دون سؤال (أعاد) الصلاة، بمعنى: وجب عليه أن يصلي بالوضوء، ولا يعتد بما قد صلى بالتيمم، هذا (إن انكشف وجوده) يعني: وجود الماء بعد الوقت على وجهٍ لا يَمْنَعه من استعماله مانع، من قطع مسافة بعيدة خارجة عن الميل أو غيرها. ومبنى المسألة أنه ترك السؤال عامداً عالماً بوجوبه في مذهبه، فأما لو لم ينكشف وجوده، أو انكشف وجوده لكن ثمة مانع يمنعه من استعماله، أوْ لا لكنه ترك وجوب السؤال جاهلًا لوجوبه في مذهبه - فإنه لا يعيد الصلاة، وقد أجزأته بالتيمم؛ لعدم انكشاف الماء، أو لعدم الفائدة في وجوده لو كان ثمة مانع، أو لعدم علمه بوجوب السؤال؛ إذ الجاهل كالمجتهد، وكذا الناسي أيضاً كالجاهل؛ لاشتراكهما في عدم العلم، فيوافق مَنْ كان جاهلاً أو ناسياً مَنْ لا يوجب الطلب، إلا أن يوجد الماء في الوقت أعاد ولا إشكال.
  فائدة: أما لو غلب على ظنه أو علم أنه يعدم الماء في الوقت، وقد كان وجد قبله - فإنه لا يجب التوضؤ به قبل دخول الوقت، وكذا لا يلزمه في أول الوقت إذا علم تعذره في آخر الوقت أيضاً.
  مَسْألَة: وإذا كان الماء موجوداً لكن يخشى المتوضئ بالمساومة في شرائه فوتَ الوقت فهو كالواجد، فإذا كان صاحب الماء حاضراً أو وكيله وجب على الطالب ترك المماكسة إذا خشي فوت الوقت بها، ويعطي البائع سومته ما لم يجحف بحاله، وإن خشي خروج الوقت بمجرد الملافظة والكيل أو الوزن للماء فهو كالعادم، كمن
(١) في المخطوط: طلب.