تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الظهار)

صفحة 583 - الجزء 3

  الظهار؛ لما قلنا: إن الله يكرهه؛ لكونه محظوراً، فلا يقع؛ لعدم حصول شرطه، وهي مشيئة الله تعالى. وقوله |: «في الإثبات» يحترز بذلك من أن يجعل عدم مشيئة الله شرطاً في الظهار فيقع بحصول شرطه، وهو عدم المشيئة، نحو أن يقول: أنت عليّ كظهر أمي إن لم يشأ الله تعالى - فيقع لحصول شرطه؛ إذ لا يشاؤه، وقد علق بعدم مشيئته تعالى، وكذا لو قال: أنت عليّ كظهر أمي إلا أن يشاء الله تعالى، ونوى إلا أن يشاء الله وقوع الظهار، فقد استثنى بمشيئة الله لوقوع الظهار، وهو لا يشاؤه، فيقع الظهار، فأما لو أطلق قوله: «إلا أن يشاء الله» فإنه لا يقع الظهار؛ لأن الله تعالى يشاء عدم وقوعه، فتأمل.

  مَسْألَة: ويتمم كسره (ويدخله) يعني: الظهار (التشريك) لو قال لأحد زوجتيه: أنت عليَّ كظهر أمي، ويقول لزوجته الأخرى: وأنت معها أو مثلها، أو شركتك معها - كانت الثانية مشركة مع الأولى في الظهار فيقع عليهما، إلا أنه في الأولى صريح وفي الأخرى كناية؛ لاحتمال اللفظ للتشريك أو للمعية في غير الظهار، فلا تكون الثانية مظاهرة إلا بنية تشريكها في الظهار مع الأولى، وأما لو قال للأخرى: «وأنت» فقط كان صريحاً فلا يحتاج إلى نية قصد الظهار في ذلك ما لم ينو غيره كما مر في صريحه.

  (و) يدخله أيضاً (التخيير) بمعنى أنه ينعقد معه، كما لو قال لإحدى زوجتيه: أنت عليّ كظهر أمي، ويقول للأخرى: أو أنت يا فلانة - فإنه يقع على غير معينة منهما، وكذا لو أوقعه على [غير] معينة من زوجاته، بأن قال: «إحداكن عليَّ كظهر أمي» فإنه ينعقد، أو يقول: إحداكن مظاهرة، أو يقول: ظاهرتك يا فلانة أو فلانة - فإنه يصير في جميع هذه الصور مظاهراً من واحدة غير معينة، ولا يصح منه التعيين، ولا يقربهن جميعاً حتى يعود على الجميع، ويكفر بكفارة واحدة، ويجوز الوطء بعد ذلك، فما وقع على غير معين، أو التبس بعد تعيينه، أو ما وقع شرطه - فالحكم واحد وهو [أنه] مظاهر من واحدة غير معينة، ولا يصح منه التعيين، ولا يقربهن جميعاً حتى يكفر كفارة واحدة وجاز له وطؤهن جميعاً.