تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان ما يتيمم به، وذكر فروض التيمم

صفحة 196 - الجزء 1

  ويكفي الظن في كونه ينبت؛ فلا يجزئ التيمم بالتراب الذي لا ينبت شيئاً، كترابِ الأرض السَّبْخة - في النهاية: السبخ: هو التراب المالح الذي لا ينبت - وكتراب البرذعة⁣(⁣١) - بفتح الباء الموحدة من أسفل وبالذال المعجمة -: وهو التراب الذي يجتمع من عفونات البسط ويتساقط منها نفسها، لا إن كان تحتها أو منها وهو ينبت فإنه يجزئ التيمم به؛ لأنه إنما يمنع من الذي لا ينبت. وكذا نحوهما كالآجر والنورة والجص وما يجتمع على الثياب وفي الأماكن وكل ما لا ينبت.

  إن قيل: قد تيمم ÷ من تراب المدينة وهو⁣(⁣٢) سبخة - قلنا: حكاية فعل، وهو لا يعارض القول، ففي حديث أسلع: «تيمم صعيداً طيباً»، لفظ الحديث: قال: كنت مع رسول الله ÷ في سفر فقال: «يا أسلع، قم فارحل بنا» فقلت: يا رسول الله، أصابتني جنابة بعدك. فسكت حتى أتاه جبريل فتلا عليه آية التيمم. فقال: «يا أسلع، قم فتيمم صعيداً طيباً، ضربة لوجهك، وضربة لذراعيك ظاهرهما وباطنهما» فلما انتهينا إلى الماء قال: «يا أسلع، قم فاغتسل». فالصعيد اسم للتراب إجماعاً، وما عداه مختلف فيه. وقوله: «طيبًا» ليخرج المتنجس، وكذا الذي لا ينبت؛ إذ ليس بطيب.

  مَسْألَة: ويصح التيمم من تراب القبر، والمراد به الذي عليه قبل دفن الميت، وأما تراب قبر الميت الذي عليه - يعني: فوق القبر بعد دفن الميت - فقد صار في حكم المحاز فلا يجوز التيمم منه؛ إذ هو في حكم المغصوب. وكذا يجوز التيمم أيضاً بتراب المسجد، وكذا بتراب أرض المسجد، وكذا بتراب أرض الغير ولو كان صغيراً أو مجنوناً، إلا أن يكره مالكها أو يضرها؛ وذلك بأن يكون له قيمة، وكذا من تراب الأرض الموقوفة على شخص ما لم يكره أيضاً أو يضرها؛ إذ قد صارت مستحقة له بالوقف عليه، وكذا من تراب الأرض المغصوبة لغير الغاصب، لا هو فلا كالصلاة


(١) البرذعة: هي البسط التي تجعل على ظهور الدواب تقي الراكب.

(٢) في (ب): «وهي».