تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب النفقات)

صفحة 689 - الجزء 3

  كان عاجزاً لا يمكنه التكسب فلا يلزم الأب التكسب له، لعله يقال: إلا أن يكون هذا الأب ذا أب موسر فعليه نفقته، لا على الابن لما كان الابن معسراً وإن أمكنه التكسب، لإيسار أب الأب. وكذا يلزم الولد التكسب لأمه العاجزة كأبيه، لا الجد وسائر القرابة فلا يلزم التكسب لنفقتهم كالأبوين، وإنما يلزم إنفاقهم مع اليسار كما يأتي قريباً إن شاء الله تعالى. وإن كان الأب وابنه قادرين على التكسب لم يتكسب أحد منهما للآخر، وإذا تكسب أحدهما وفضل له عن قوته ومن هو أخص به أدخل الآخر معه فيما يفضل له.

  مَسْألَة: وللأب أن يأخذ من مال ولده الصغير والغائب الأعيان التي يحتاج إليها ذلك الأب كالطعام والثياب والدراهم والدنانير؛ لأنها جعلت ثمناً لكل شيء، فهي كنفقة المحتاج، فيأخذ من مال ابنه ذلك ويستنفقه لما يحتاج إليه بالمعروف لنفسه، لا لولده الصغير⁣(⁣١) وينظر. ولا يحتاج في ذلك إلى إذن الحاكم؛ لأنه يأخذ نفس الواجب. وأما إذا كان الولد عاقلاً حاضراً فلا يأخذ من ماله إلا برضاه، فإن تمرد فالحاكم إن وجد الحاكم، وإلا فبإذن من صلح في المحل، فإن لم يوجد أخذ من ماله وإن لم يرض ولا أذن له حاكم ولا من صلح لعدمهما.

  وفرق بين الابن الحاضر والغائب أن الحاضر يمكن إجباره فلم يجز إلا بإذن الحاكم، بخلاف الغائب. والأب في هذا الحكم قد خالف سائر القرابة ولو أمّاً أو جدّاً فليس لهما أن يأخذا من مال الابن - إلا بإذن الحاكم - ولو صغيراً؛ لعدم الولاية للأم في ماله، وكذا الغائب، وأيضاً فقد خالف الدين فإنه لا يقضي إلا بإذن الحاكم من مال الغائب ولو وجد من له الدين مثل ماله من حب أو دراهم أو نحوهما. وهذا كما قلنا أولاً إذا وجد الأب في مال ابنه الصغير أو الغائب نفس ما يحتاج إليه مما يجب على الابن له من الطعام أو الكسوة ليلبسها أو من الدراهم أو الدنانير كما مر (و) إذا لم يجد نفس ما يحتاج إليه بل أمراً آخر يريد بيعه ليستنفق ما يحتاج إليه من ثمنه فإنه (لا


(١) «يتأمل». حاشية في المخطوطات.