تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب التيمم)

صفحة 207 - الجزء 1

  وأما إذا انكشف سعة الوقت بعد الخروج من الصلاة فقد بينه الإمام ¦ بقوله: (لا يضر المتحري) بأن الوقت لا يتسع إلا للتيمم والصلاة، ثم صلى وانكشف (بقاءُ الوقت) بحيث يتسع للتيمم مرة أخرى والصلاة أو وزيادة - فإنه لا يضره ذلك وقد أجزأه التحري الأول؛ إذ هو كالمجتهد لو قد عمل بالاجتهاد الأول ثم تبين له دليلُ خلافه فإنه لا يعيد ما قد أداه بالاجتهاد الأول، ولأنا لو أوجبنا عليه الإعادة لم يأمن أن يفرغ قبل الوقت فيعيد مرة أخرى وأدى ذلك إلى التسلسل، وفي ذلك حرجٌ ومشقة. هذا إن كان سبب التيمم باقيًا من عدم الماء أو خوف الضرر أو نحوه، أما لو كان قد زال السبب فإنه يلزمه الإعادة كلو يجد الماء كما يأتي ذلك إن شاء الله تعالى.

  وقد أخذ من مفهوم قوله: «المتحري» أن من صلى من دون تحرٍّ للوقت فإنه إذا فرغ من الصلاة وانكشف بقاء الوقت تلزمه الإعادة للصلاة إذا كان مذهبه وجوب التحري، وهذا إذا ترك التحري عامداً عالماً بوجوبه عليه، فأما لو ترك التحري ناسياً أو جاهلاً لوجوبه فإنه يجزئه التيمم الأول ولا يضره بقاء الوقت فتأمل، فهذه مسألة مفيدة ذات ثلاثة أطراف ذكر الإمام ¦ أحدَ طرفيها مع التحري، وبيّن حكم غير المتحري بالمفهوم، والله أعلم. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله، آمين، والحمد لله رب العالمين.

  فَرْعٌ: وإذا فرغ من الأولى ثم بان له سعة الوقت فقد أجزأته⁣(⁣١)، ويتحرى للأخرى ثانياً، ولا يضره إذا فرغ وفي الوقت بقية، فإن بان له ذلك في حال الصلاة وعلم كما مر - بطلت، لا مع التجويز فقط، ويبطل تيممها أيضاً مع العلم بسعة الوقت، فتأمل، والله أعلم.

  وهو يرد على صلاة المتيمم سؤال: ما يقرأ المتيمم في صلاة الفرض حيث قلتم: لا تؤدى إلا آخر الوقت، هل يأتي بالواجب والمسنون أم الواجب فقط؟


(١) إلا إذا زال عذره أو بعه فيعيد. (é). (من هامش البيان).