تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في ذكر أحكام تتعلق بالبيع والشراء:

صفحة 26 - الجزء 4

  مَسْألَة: (و) يصح البيع والشراء أيضاً (من مضطر) إليهما لقضاء دين أو لأجل شراء شيء آخر، أو للتزويج لمن افتتن بها أو طرد من بلده أو نحو ذلك من أوجه الضرورة فباع أو اشترى⁣(⁣١) بها فإنه يصح منه ذلك التصرف (ولو غبن) في بيعه أو شرائه غبناً (فاحشًا) لا يتغابن الناس بمثله (إلا) أن تكون الضرورة الملجئة للبيع والشراء هي (للجوع) أو نحوه، كالاضطرار إلى اللباس لخشية حر أو برد، وكذا من يضطر⁣(⁣٢) إلى الركوب وهو في مفازة أو نحوها، وتلك الضرورة للجوع أو نحوه يخشى معها التلف للنفس أو العضو على نفسه أو على غيره ممن هو محترم ممن يلزمه إنفاقه أو سد رمقه - فإنه لا يصح البيع ولا الشراء مع تلك الضرورة إذا غبن معها غبناً فاحشاً، وهو ما زاد على نصف العشر في الثمن أو المبيع حيث يكون بائعاً أو مشتريًا، ويعتبر أيضاً أن لا يجد من يشتري منه ذلك الشيء أو يبيع إليه مثل ما يريد شراءه في مجلس الضرورة⁣(⁣٣) - ذلك المتعاقد هو وإياه أو غيره - بقيمة ذلك الذي يريد بيعه أو شراءه، فإن وجد من يشتري منه في المجلس بالقيمة صح بيعه ولو غبن مع ذلك البيع غبناً فاحشاً؛ لعدم الضرورة مع وجود المشتري بالقيمة، وسواء باع مع ذلك الغبن الفاحش إلى ذلك الشخص أو إلى غيره فإنه يصح؛ ويصح أيضاً بيعه وشراؤه مع الضرورة حيث يكون لخشية الضرر فقط، أو لم يغبن إلا قدر نصف العشر فقط ولو مع خشية الهلاك؛ إذ هو قدر ما يتغابن الناس بمثله.

  ويعتبر أن تكون الخشية من الهلاك في الحال، لا في المستقبل فيصح معها البيع والشراء ولو غبن فاحشاً. وهذه حيلة فيمن أراد أن يشتري من المضطر للجوع أو نحوه، فيسد فاقته بالإطعام له أو نحوه⁣(⁣٤) مما يخشى منه ثم يشتري منه بعد دفع ما يخشى منه الهلاك في الحال، فيصح البيع ولو غبن مع ذلك غبناً فاحشاً، فتأمل.


(١) في (ج): «اشتراها».

(٢) في (ج): «اضطر».

(٣) في هامش شرح الأزهار (٥/ ٣٤) وهامش البيان (٣/ ٢٠): مجلس العقد.

(٤) لعله أراد أو يكسوه أو يسقيه [هو وأولاده وزوجاته. é]. لأنها كذا في الشرح.