تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

[بحث فيما يكون المضمر فيه كالمظهر، وما لا]:

صفحة 82 - الجزء 4

  أيضاً؟! ولو قيل: إنما المضمر كالمظهر في عقود الربا فقد ذكر في أجرة البغية وهنا في بيع أرض مكة ما يخالف ذلك، وأن المضمر كالمظهر ولم يكن من مسائل الربا. وقد يجاب عن هذا - وهو شاف - بأن يقال: إن كان الإضمار لاستباحة⁣(⁣١) وجه حظر⁣(⁣٢) كالربا وما لحق في سياقه، وكذا في التأجير كأجرة البغية فالإضمار كالإظهار، وإلا فلا أثر للضمير في الإفساد، وأما الصحة فلا أثر⁣(⁣٣) للإضمار مطلقاً، فافهم.

  مَسْألَة: (و) لا يصح بيع (ما لا نفع فيه مطلقاً⁣(⁣٤)) إلا أن يكون فيه نفع صح، كريق المحنش، وذلك بعد انفصاله، لا قبل فلا يصح بوجه. كالريق، والعرق، والدمع، والحيات، والخنافس، والذباب إن لم يكن للدجاج، والخفاش، وقد مر ذكره، بل جميع ما تضمنه هذا الفصل مر ذكره في الشروط على جهة الإجمال، وذكر هنا على جهة التفصيل. وأما لبن الخيل وسائر الدواب غير المأكولة وإن كان به نفع فلا يصح بيعه، ويجب على مالك الفرس ونحوها تمكين الصغير من ذلك الجنس المحتاج إلى ذلك اللبن وهو ملكه أو ملك غيره، من باب سد رمق محترم الدم، فلو امتنع فهل يجوز لمالك الصغير أن يدفع ثمناً له ليمكن من فرسه أو نحوها ترضع ذلك الصغير؟ لعله يجوز للمشتري وإن حرم على البائع أخذه، ويتأمل. وأما لبن الآدميات فيجوز بيعه بعد وجوده⁣(⁣٥)؛ لنفعه وطهارته وإن لم يجز الاستئجار على الرضاع كما مر، فتأمل، والله أعلم.

  مَسْألَة: من باع ما لا يصح بيعه لم يحل له ثمنه، بل يرد للمشتري؛ وذلك لأن المبيع هنا لا يملك بالقبض، وهو يجب الرد سواء كان جاهلاً للتحريم أو عالماً لتحريم ما شراه، وأنه لا يملك البائع الثمن، إلا أنه مع العلم لعله يكون كالغصب إلا في


(١) في (ج): «لأجل إباحة».

(٢) في هامش البيان (٣/ ٥٨): إن كان الإضمار يستلزم وجه حظر.

(٣) في (أ، ب): فالأثر. وهو غلط.

(٤) أي: لم ينتفع به ضرباً من الانتفاع. (هامش شرح الأزهار بتصرف).

(٥) لفظ البيان (٣/ ٥٧): ويجوز بيع لبن الآدميات المسلمات في حال الحياة. قال في الهامش: بعد الانفصال. (é).