تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في قبض المبيع وأحكام القبض:

صفحة 139 - الجزء 4

  هو في يده (إلا ذو حق) له في المبيع كان له منعه، وذلك (كالمستأجر) حيث لا تنفسخ الإجارة، بأن لا يباع لعذر مما مر، والمرتهن حيث يباع للإيفاء أو لرهن الثمن ولم يكن قد سلم الثمن، وإلا يبع لذلك فالمبيع موقوف على خلوصه عن الرهنية، وكذا المستعير حيث له حبس العين حتى تنقضي المدة، وذلك حيث يكون له فيها زرع أو نحوه كما يأتي في العارية، فهؤلاء يجوز لهم الحبس بالحق الذي لهم في المبيع، وإذا قبضه المشتري من دون إذنه فله استرجاعه منه، فإذا تلف المبيع قبل استرجاعه في يد المشتري ضمن المشتري قيمته، وتصير رهناً، ويرجع بما سلم من الثمن على البائع⁣(⁣١)؛ إذ بيع الرهن موقوف. فإن أذن المرتهن بالقبض أو المستأجر لم يكن له استرجاعه؛ إذ قد بطل حقه بالإذن.

  (لا الغاصب والسارق) والمستعير الذي ليس له الحبس، والوديع، فليس لهؤلاء الحبس بعد علمهم بالبيع وتوفير الثمن في الصحيح، أو الإذن من البائع للمشتري مطلقاً. ومثلهم المستأجر حيث تنفسخ الإجارة بالبيع. وأما إذا لم يكن قد سلم المشتري الثمن أو سلمه والعقد فاسد، ولم يكن قد أذن له البائع بالقبض - فلكل ممن هو في يده أن يمنعه منه، سواء كان في يده بحق كالمستأجر والمرتهن أو لا كالمستعير ونحوه، بل ولو كان متعدياً بقبضه كالغاصب والسارق؛ لأنه مأمور بحفظه ورده للبائع، وإذا قبضه المشتري من أحد من هؤلاء كان لمن أخذ منه أن يطالبه برده إليه، إلا الغاصب والسارق فمطالبتهما بإرجاع ذلك للبائع لا بالرد إليهما؛ إذ لا يبرأ المشتري برده إليهما، فتأمل، أو يطالبه برده إلى الحاكم إن كان البائع غائباً، فافهم، والله أعلم.

  وإنما استثنى الإمام الغاصب والسارق وقد خرجا⁣(⁣٢) بمفهوم قوله: «فلا يمنع منه إلا ذو حق» إذ ليس لهما حق؛ إشارة إلى عدم التفرقة بينهما [وبين غيرهما] في وجوب التسليم بعد العلم بالإذن للمشتري بالقبض أو توفير الثمن في الصحيح، وعدم جواز التسليم قبل ذلك إلى المشتري، والمطالبة بالرد إلى البائع إن قبضه بغير إذنهما، والله أعلم. والحمد لله رب العالمين.


(١) في المخطوطات: للبائع. والمثبت من هامش البيان (٥/ ١٧٠).

(٢) في المخطوطات: خرج.