(باب الخيارات)
  ويعتبر أن يكون الفسخ في وجه البائع أو علمه بكتاب أو رسول، فإن كان المشتري وحده - يعني: لم يكن البائع حاضراً عنده - فسخ عقيب الرؤية ولو كان منفرداً، وتلفظ بذلك بلسانه في الحال وأشهد على ذلك وخرج إلى البائع إن كان في البريد، وإن كان خارجاً عن البريد فلعله يتم فسخه من دون وصوله إلى الحاكم، وإذا تلف المبيع فمن مال البائع، وإذا نازعه في تمام الفسخ فبالحاكم، سواء كانت المنازعة وقد فسخ في وجهه أو في غيبته عن البريد.
  وإنما يبطل خياره إن لم يفسخ في مجلس الرؤية(١) إذا كانت الرؤية (مميزة) بأن تكون (بتأمل) يعرف بها حال المبيع عادة من مثل هذا الشخص، من كون المبيع كبيراً أو صغيراً، جيداً أو رديئاً، صالحاً أو منهدماً، ونحو ذلك مما يتميز المرئي بها(٢) عادة، فلو كانت الرؤية غير مميزة لم يبطل الخيار إن لم يفسخ عقيبها، وذلك بأن يكون الرائي له سكران أو في الليل، أو يراه في مرآة والمبيع خلفه، أو من خلف زجاج؛ إذ لا تتميز الرؤية مع ذلك، إلا أن تكون عادة المشتري النظر إلى الأشياء من خلف الزجاج كالمبْصَرَةِ ونحوها بعد(٣) رؤيته من خلفها، ولو رآه من غيرها لم تكن الرؤية كافية إن لم يحصل له التمييز المعتاد إلا بها. أو يرى الحوت في الماء؛ لأنه يتجسم، فهي رؤية غير مميزة فلا يبطل بها الخيار، ونحو ذلك.
  وإذا كان المشترى بندقاً فالرؤية المميزة: أما لظاهرها فبأن يفك محابسها وينظر ظاهراً وباطناً، أعني: الذي كان فيها خاف في المجرى، وأما رؤية باطنها فبالرمي بها بحسب العادة من مرة واحدة أو أكثر حتى يميزها تمييز مثلها، يعرف بذلك حسنها وضعفها أهل الخبرة لذلك(٤)، فإن افتضت برمي المشتري بها فهو عيب حصل عنده يمتنع ردها به كسائر العيوب، إلا عن سبب متقدم من عند البائع بأن تكون مشحونة
(١) صوابه: عقيب الرؤية.
(٢) في (أ، ب): «بها المرئي».
(٣) لعلها: كفت.
(٤) في (ج): «بذلك».