تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الخيارات)

صفحة 233 - الجزء 4

  فالحي على خياره، وكذا إذا كان البائع اثنين أو المشتري اثنين أيضاً فالخيار لهما، فمن مات منهما بطل خياره، والحي على خياره - ولا يقال: إنه قد تم البيع من جهة الميت فيبطل خيار الحي كما إذا رضي أحدهما؛ لأنا نقول: الموت ليس برضا حقيقة، بل لما تعذر الفسخ من جهته شبهناه بالرضا - فإذا رضي الحي لزم البيع؛ إذ قد لزم ورثة الميت بموته، والحي قد رضي، وهو ظاهر، وإن رد الحي البيع بالخيار وجب أن يرد ورثة الميت؛ لئلا تفرق الصفقة على البائع. وإن كان الخيار لهما وهما بائعان وقد مات أحدهما وفسخ الآخر لزم أيضاً أن يقبل الورثة حصتهم من المبيع؛ لأنه لا يلزم المشتري بعض الصفقة كما قلنا في البائع.

  نعم، ويبطل الخيار بموت صاحبه (مطلقاً) يعني: سواء جعل الخيار لنفسه أو جعله لغيره (فيتبعه) بطلان خيار (المجعول له) الخيار من جهة هذا الميت؛ لأن المجعول له الخيار وكيل، فإذا مات الجاعل بطل خياره، فلا يبقى على خياره، سواء كان غير وارث للجاعل أو وارثاً له، وسواء شرط الجاعل أن لا خيار له مع المجعول له أم لا؛ لظاهر التعليل بأنها وكالة، وهي تبطل بموت الموكل بكل حال. وأما إذا مات المجعول له الخيار فإنه لا يبطل خيار الجاعل؛ لما قلنا: إنه وكيل عن الجاعل، ولا تبطل ولاية الموكِّل بموت وكيله، إلا أن يشرط الجاعل أن لا خيار له مع المجعول له فمات المجعول له فقد لزمه البيع بموت من هو له وشرطه أن لا خيار له معه، والله أعلم.

  (و) الثاني: (بإمضائه) يعني: بإمضاء من له الخيار للبيع، سواء كان هو المشتري أو البائع أوالمجعول له من غيرهما، فإذا أمضاه بطل خياره وليس له الفسخ بعد (ولو) كان إمضاؤه للبيع (في غيبة الآخر) من البائع أو المشتري⁣(⁣١) فلا يشترط حضوره ولا علمه بإمضاء صاحبه (و) الآخر إذا كان له الخيار (هو على خياره) فلا يبطله إمضاء صاحبه حيث الخيار لهما وأمضى أحدهما فالآخر له الفسخ والإمضاء؛ لاختلاف جهة البائع والمشتري، فلا يبطل حق الآخر من الخيار بإسقاط صاحبه حقه، لا لو كان


(١) أو في غيبة المجعول¹له. (من هامش شرح الأزهار ٥/ ٢٨٩).