(باب الخيارات)
  الممضي هو المجعول له الخيار فليس لجاعله فسخه بعد كما يأتي قريباً إن شاء الله تعالى؛ فلا يناقض هذا ما يأتي، فافهم.
  ويثبت (عكس) هذين الحكمين في (الفسخ) فلا يتم الفسخ إلا في حضرة الآخر(١) منهما لو فسخ أحدهما، أو علمه بكتاب أو رسول، فإن تعذر حضوره فإنه ينوب عنه الحاكم، بمعنى يتم الفسخ لعلم الحاكم بحصوله كعلم من هو غائب، وإن لم يكن حاكم فمن صلح. وهو يعتبر علم الآخر بالفسخ سواء كان الفسخ باللفظ أو بالفعل لو تصرف في المبيع أو نحو ذلك مما سيأتي فإنه لا يتم الفسخ بذلك التصرف حتى يعلم الآخر، فعلى هذا حيث الخيار للبائع أو لهما جميعاً ثم تصرف البائع فإن تصرفه يكون فسخاً، لكنه لا يتم حتى يعلم المشتري، فيبقى التصرف موقوفاً على علم المشتري به، فمتى علم وقع الفسخ، ولو لم يعلم المشتري بالفسخ أو بالتصرف إلا بعد مضي مدة الخيار، ويكون علم المشتري كاشفاً، فلا يتوهم من قولنا: «يعتبر أن يكون في وجهه أو علمه» أنه إذا لم يعلم إلا بعد مضي المدة لم يصح الفسخ، بل قد صح كما قلنا، ولا يتوهم من ذلك أنه يجوز لو كان الفاسخ هو المشتري بعد أن فسخ قبل العلم أن يطأ الجارية، فهو لا يجوز؛ لحصول الفسخ، ولا(٢) يصح منه(٣) الرجوع إلى الإمضاء بعد فسخ قبل أن يعلم الآخر. ولو مات الآخر قبل أن يعلم فلعله لا يعتبر أن يجدد فسخ آخر(٤)؛ لحصول الأول، ويعتبر علم الوارث بعد موته بذلك الفسخ.
  فإن قلت: فأي فائدة في قولكم: «لا يتم الفسخ إلا بعلم الآخر»؟
(١) هذا هو الأمر الأول. (هامش شرح الأزهار).
(٢) في المخطوطات: ولأنه. والمثبت هو الموافق لما في هامش شرح الأزهار (٥/ ٢٩٠).
(٣) في (أ، ب): «فيه».
(٤) وفي هامش شرح الأزهار (٥/ ٢٩٠) حاشية غير مذهبة منقولة من حاشية السحولي أنه لا بد أن يجدد الفاسخ الفسخ قبل مضي مدة الخيار، فلو مضت المدة ولم يجدد الفسخ فإنه يتقرر المبيع للمشتري أو لورثته.