تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الخيارات)

صفحة 240 - الجزء 4

  يقال: لا حق للبائع بعد انقضاء مدة الخيار في المبيع؛ إذ نقول: لو صح ما قلت من عدم الحق له وأن ذلك يقتضي عدم صحة الزيادة بعد انقضاء المدة - للزم أن لا يصح جعل الخيار بعد تمام العقد، مع أنه يصح كما مر، فتأمل.

  (و) الخامس: لو ارتد عن الإسلام من له الخيار فإنه يبطل خياره (بردته) وسواء كان المشتري أو البائع إذا استمر في الردة (حتى انقضت) مدة الخيار ولو أسلم من بعد انقضائها، كما لو سكت عن الفسخ حتى انقضت وهو غير مرتد.

  لا يقال: فما فائدة جعل الردة من المبطلات وقد شارك الساكت وهو مسلم حتى انقضت مدة الخيار - فهو يقال: بل لذلك فائدة، لو اختار الفسخ أو الإمضاء حال الردة فإنه لا حكم لاختياره، بل يبقى ما اختاره موقوفاً: فإن أسلم في مدة الخيار ثبت حكم ما قد اختاره حال الردة، وإن لم يسلم إلا وقد انقضت بطل خياره، ولا حكم لما قد اختاره من الفسخ حالها، فقد جعل للردة حكم باستمراره فيها حتى مضت مدة الخيار. وإذا لحق بدار الحرب بطل خياره كما يأتي في الفصل الآتي قريباً إن شاء الله تعالى، فيصير الخيار لوارثه نيابة عنه لا إرثاً، فمن سبق منهم بفسخ أو إمضاء صح، وإن لم يختر أحد منهم شيئاً حتى مضت المدة فقد تم البيع. ولا حكم لما اختاره المرتد وقد لحق مع ما اختاره وارثه، فيترجح ما اختاره الوارث إن كان قد اختار، وإن أسلم المرتد اللاحق قبل اختيار الوارث فهو على خياره، إن رجع إلى الإسلام في مدة الخيار.

  فإن قلت: أليس قد قلتم: اللحوق بدار الحرب كالموت؛ ولهذا جعل الخيار لوارثه، وقد قلتم: يبطل الخيار بالموت، فكيف قلتم: إذا رجع إلى الإسلام [قبل اختيار الوارث لم يبطل خياره؟

  قلت: لم يجعل اللحوق كالموت في جميع الأحكام، كما قلنا: إذا رجع إلى الإسلام]⁣(⁣١) رُدَّ له ما لم يستهلك من ماله، فكما يرجع له غير المستهلك من المال يرجع له الخيار قبل أن يستهلكه الوارث بفسخ أو إمضاء، وهو ظاهر.


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).