(فصل): في بيان ما يبطل به رد المعيب ولا يستحق المشتري مع ذلك أرشا:
  يقبل قوله: إنه غير عالم بأنه يعود، وذلك كالحمى.
  فإن لم يخبر بأنه قد حصل في المبيع ذلك العيب الذي يتكرر كالجنون ونحوه فظاهر عبارات أهل المذهب أنه إذا حصل عند المشتري فله الرد به، ويكون الظاهر أنه كامن في المبيع من عند البائع ولو جوز أنه قد برئ من الأول وأن ذلك غيره مهما كان من جنسه؛ ولذا قالوا في الإباق: إنه عيب ولو كان حال العقد والعبد مطيع، ومعلوم ذهاب الإباق الأول بالطاعة، فتأمل المراد هنا، فكل عيب قد حصل عند البائع ثم عاد عند المشتري فله الرد به، إلا أن يعلم أنه قد حصل عند البائع مع علمه بأنه يعاود، فتأمل، والله أعلم.
  وأما ما لم يتكرر من العيوب وشأنه أنه إذا وجد في الحيوان وزال لا يعود عادة، وذلك كالجدري - وينظر هل يوجد له ثانٍ فله حكمه - فإما أن يخبر بزواله أو لا، إن لم يخبر بزواله وحصل عنده بعد القبض فهو عيب حصل عنده بلا إشكال فلا يرد به ولا بغيره أيضاً؛ لتعيب المبيع به عند المشتري، وإن أخبر بزواله ثم وجد عند المشتري فقد وصف له المبيع وفقدت الصفة، فله الرد بفقد الصفة، لا بالعيب؛ إذ هو حاصل عنده قطعاً، فتأمل، والله أعلم. إلا أن يقال: الجدري ونحوه كامن من عند البائع كما قيل: إنه داء يحصل في الصبي من عند ولادته أو منذ كونه في بطن أمه فذلك عيب يرد به، فعلى هذا يرد به المبيع ولو لم يذكر للمشتري أنه قد زال، فتأمل.
  الثاني قوله ¦: (أو رضي) المشتري بالعيب، بأن يقول: «رضيت به بعيبه»، أو فعل ما يجري مجرى الرضا بالقول، نحو: أن يقبض المبيع وهو عالم بعيبه، ولو جهل كون ذلك يبطل خياره، فيبطل خياره بقبضه كذلك ظاهراً وباطناً، إلا إن كان قبضه له ليتعرف حاله لا على سبيل الرضا فلا يبطل خياره، والقول له في ذلك (ولو) كان بعض المبيع سليماً وبعضه معيباً ورضي المشتري (بالصحيح منه) دون المعيب فإن رضاه ببعض المبيع رضا بجميعه، فيلزمه جميع المبيع، ولا يستحق أرشاً للمعيب ولو كان المبيع شيئين ورضي بأحدهما مع تميز الأثمان، ولو جهل كون الرضا بالسليم يبطل الخيار في المعيب؛ لئلا تفرق الصفقة، ولو كان البائع إليه بعقد واحد اثنين وقد