(باب الحيض)
  الجمعةِ، ولم يأت بعد ذلك حتى مضى طهر صحيح فإنه لا يكون حيضاً، وأما لو عاد قبل كمال العشر ولو قطرة في أولها وقطرة في آخرها فإن جميع المدة تكون حيضاً.
  والمثال المشهور في النقاء الذي يكون حيضاً: لو دمت يوماً ونقت ثمانيًا ودمت العاشر، فإن هذا دم حيض مع النقاء أيضاً؛ ولو دمت يوماً ونقت تسعاً ودمت العاشر فإن النقاء لا يكون حيضاً؛ لعدم توسطه بين دمي حيض؛ لأنه لم يجتمع الدم الأول والآخر في العشر، بل لم يأت الثاني إلا في الحادي عشر، ولو لم يكن المتوسط طهراً كاملاً؛ وإنما المعتبر أن يكون توسطه بين دمي حيض لتخرج الصورة هذه التي مثل بها، فتأمل، والله أعلم.
  واعلم أن الحيض (جُعِل دلالة على أحكام) شرعية، وهي: البلوغ، وانقضاء العدة، وجواز الوطء في الأمة المستبرأة، وخلو الرحم من النطفة. (و) هو أيضاً (علة في) أحكام (أخر) وهي: تحريم الوطء، والصلاة، ومس المصحف، والقراءة، ودخول المسجد بكل البدن، وعدم الاعتداد بالأشهر، وتحريم الطلاق حاله والصوم.
  وهو يفرق بين الدلالة والعلة: أن العلة مقارنة للمعلول، فمتى رأت الدم حرمت القراءة ونحوها. ومناسبة(١)، يعني: يناسب الشرع فيها العقل في [أنها](٢) أنما حرمت القراءة لأجل الدم، وينظر في وجهها، لعله لكونه أذىً. ومنتفية، متى انتفى الدم انتفى التحريم.
  والدلالة بعكس هذه الثلاثة(٣) الأمور، فقد لا تقارن؛ بأن تبلغ بغير الحيض. ولا مناسبة(٤)؛ لعدم دراية العقل باقتضائه البلوغ، وإنما ذلك بالشرع. ولا منتفية، فلا ينتفي البلوغ بانتقاء الحيض؛ إذ قد يقع بغيره. ولك أن تقول أيضاً: إن الحيض
(١) في (ب): «ومناسبته».
(٢) ما بين المعقوفين من هامش شرح الأزهار.
(٣) ليس في (ج): «الثلاثة».
(٤) يعني: لم يناسب العقل الشرع بأن الدم بلوغ. حاشية في الشرح.