تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب البيع غير الصحيح)

صفحة 346 - الجزء 4

  محاطاً عليه من الجهات الثلاث ثم إن المشتري أحاط عليه من الجهة الرابعة ينظر [بياض] يتأمل إن شاء الله تعالى، لعله يمنع رد عينه. وإذا زال البناء أو الغرس لم يكن للبائع أو للمشتري طلب الفسخ لزوال المانع؛ لأنه قد استهلك بما حصل من قبل ولو زال، كما لو خرج عن ملكه ثم عاد، فافهم. وكذا لو كان المبيع طعاماً فطحنه، أو دقيقاً فعجنه، أو خبز العجين، وكذا ذبح الحيوان، والجناية عليه أيضاً تمنع ردَّه ولو بآفة سماوية، وطبخ اللحم، ولت السويق ولو بما لا قيمة له، وكذا صبغ الثوب، وتقطيعه قميصاً⁣(⁣١) أو خياطته وكان مفصلاً، أو كان المشترى قَبَاء⁣(⁣٢) قبل أن يحشى فحشاه ودرزه، لا الحشو فقط، أو كان غزلاً فنسجه، أو قطناً فغزله - فهذه الأشياء تمنع فسخ المشترى بعقد فاسد، ويلزم قيمته يوم القبض لبائعه، وهي على ثلاثة أنواع: استهلاك كالطحن ونحوه، وزيادة كالصبغ ونحوه، ونقصان كالذبح والجناية عليه.

  فإن قيل: لم يجعل الذبح للحيوان في الغصب استهلاكاً، فلِمَ كان استهلاكاً هنا وحده؟

  فهو يقال: إن المبيع في العقد الفاسد مقبوض برضا البائع، فقد سلط المشتري على استهلاكه، لا المغصوب فهو لم يرض المالك بمصيره في يد الغاصب ولا سلطه عليه، فلما كان مأذوناً للمشتري بالاستهلاك كفى فيه الفعل اليسير، بخلاف الغصب فاعتبر إزالة الاسم ومعظم المنافع؛ ولذا جعل البيع والهبة ونحوهما هنا استهلاكاً، بخلاف المغصوب، والله أعلم.

  مَسْألَة: (ويصح كل عقد) مما لا يمنع فسخ المشترى بعقد فاسد (ترتب) العقد الثاني (عليه) يعني: على الأول الفاسد، ولا مانع من ذلك، ويكون الثاني بصفته إما صحيحاً أو فاسداً، وذلك (كالنكاح) لو كانت المشتراة بعقد فاسد أمة ثم زوجها المشتري صح النكاح إن كان بعد القبض لها، لا قبله فهو ممنوع من التصرف كما مر، كما لو باعها أو وهبها. (و) إذا زوجها ثم تفاسخا في البيع الفاسد فإن النكاح (يبقى)


(١) في البيان (٣/ ٢١٦): أو قطعه قميصاً.

(٢) وهو المظرَّب. (هامش شرح الأزهار).