(باب المرابحة)
  (و) إن كانت الخيانة (في الثمن) أ (و المبيع) فكذلك، يعني: فكالخيانة في عقدهما، وصورة الخيانة في الثمن: أن يشتري ذلك الشيء بعشرة فيوهم باللفظ المشتري أنه بخمسة عشر، فيقول: «بعت منك برأس مالي وهو خمسة عشر»، ومن ذلك أن يوهمه أيضاً أن رأس ماله عشرة وهو ثمانية، فيقول: «بعت منك برأس مالي» فقط ولم يذكر قدره، فلعله في هذه الصورة لا خيار ويلزم رأس المال، وهي الثمانية إن بين المشتري أن الثمن ثمانية أو صادقه البائع.
  والخيانة في المبيع: أن يشتري شيئاً ويستهلك بعضه ويرابح في الباقي بثمن الكل، موهماً أنه لم يذهب منه شيء، أو غير موهم ولم يذكر أنه قد ذهب منه.
  فإن علم المشتري بتلك الخيانة في الثمن أو في المبيع في المرابحة وفي التولية وكان علمه بعد تلف المبيع - رجع على البائع بالخيانة، فيرد زائد الثمن وناقص المبيع أو يسقط بحصته من الثمن، ويطيب الربح كله للبائع، إلا أن يرابحه على كل قدر من الثمن شيئاً معيناً من الربح سقط بحصة الخيانة، وإن كان المبيع باقياً بحاله خير المشتري إما ورد المبيع أو رضي به ولا شيء له.
  (و) الخيانة في (المساومة) وهي البيع من دون مرابحة ولا تولية، وسميت(١) بذلك لعله لوقوع التساوم فيها حيث لم يعترضا قدر رأس المال، فالخيانة فيها (كذلك) يعني: كالخيانة فيما مر، ولها صورتان: في الثمن والمبيع، أما في الثمن فصورته: أن يوهم المشتري منه أن رأس مالها في المبيع خمسة عشر، وهو عشرة، فيقول: «بعت منك بخمسة عشر» فيقول: «اشتريت».
  وفي المبيع حيث قال البائع للمشتري: «الصبرة عشرة أمداد» وهي أقل، ثم باعها منه جزافاً.
  هاتان صورتان حيث يكون الغرر من البائع على المشتري، فهو عاصٍ بذلك للغرر(٢)، والبيع صحيح، وفيه ما يأتي من الخيار، ومثلهما حيث يكون الغرر من
(١) في (أ، ب): «فسميت».
(٢) في (ج): «الغرر».