(باب القرض)
  شيئاً آخر أو يبيع منه شيئاً آخر فيلغو الشرط؛ إذ هو وعد، ويصح القرض؛ إذ لا جهالة، ولا يقتضي الربا، فتأمل.
  (وإلا) يكن القرض كذلك، بل مشروطاً بما يقتضي الربا (فسد) والفاسد لاقتضائه الربا باطل، ويأثما بذلك وشاهداهما إن كان والكاتب، ولذلك صور، منها: أن يشرط عليه أن يرد أكثر مما أقرضه في القدر، أو زائداً عليه في الصفة. هذا إن كان مشروطاً، فإن كان الرد لأكثر أو أحسن مضمَراً فحيث المضمِر الآخذ [أنه يرد](١) زائداً على ما أخذ فلا حكم لضميره وكان قرضاً صحيحاً، وإذا رد زائداً بطيبة من نفسه مكافأة للمقرِض على صنيعه له جاز وطاب للمقرِض. وإن كان المضمِر هو المقرض: فإن كان ضميره يأخذ به الزيادة إن حصلت ولا قصد له فيها فهذا جائز، وتطيب له إن حصلت على الوجه الأول. وإن كان ضميره أنه لا يقرض إلا لأجل الزيادة فهذا محرم ولا يطيب له، ويكون المضْمَرُ هنا كالمظهر في اقتضائه التحريم وبطلان القرض.
  ومن المقتضي للربا: أن يكون للمقرض منفعة، فكل قرض جر منفعة فهو ربا، فمن ذلك: أن يقرضه ويشرط عليه أن يرده إلى موضع كذا، وله منفعة بذلك من حيث سقوط المؤن عليه، فلا يجوز؛ إذ فيه زيادة، وأما إذا كان للمقرض منفعة وللمستقرض منفعة أخرى واستوت المنفعتان جاز؛ لأن العين تكون مقابلة للعين، والمنفعة للمنفعة. ولعل من هذا القبيل - وهو استواء المنفعتين - ما يستقرضه الشركاء من الملاك كالزراع في بلادنا عند حاجة الشريك لذلك وقصد المالك بإعانته بالقرض على الزرع، فالمنفعتان مستويتان فيجوز.
  إن قيل: فعلى قولكم: «كل قرض جر منفعة هو حرام» يلزم أن لا يصح قرض مال اليتيم؛ إذ لا يجوز إلا لمصلحة له، وقد منعتم ذلك في القرض.
  قلت: هو كذلك لا يجوز إن حصل في القرض منفعة إلا أن تكون من غير
(١) ساقط من (ج).