تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان ما يتضيق رده من دون طلب مالكه وما لا يتضيق إلا بالطلب:

صفحة 411 - الجزء 4

  الولي لليتيم أو المسجد أو نحوهما، وبعد المراضاة يجوز له الترك للرد حتى يطلب. ونحو الغصب أروش الجنايات وقيم المتلفات، فيتضيق رده فوراً لصاحبه قبل المراضاة له بالتأخير؛ إذ هو متضيق في كل وقت. وكذا فوائد الغصب، وكسبه، وأجرته، وأرش ما جني عليه إذا كان مما لا يتسامح به. ولعله يلحق بذلك إذا مات من له الدين على الغير فإنه يجب على من هو عليه رده؛ لمصيره بموت صاحبه لورثته، فهو ثابت بغير رضاهم، فيتضيق رده فوراً ولو قبل الطلب، وكذا في المضاربة فهي تبطل بموت المالك ويتضيق الرد ولو قبل الطلب، ومثلهما الهدية فإنه يتضيق ردها بموت أحدهما إذا جرى العرف بردها بعد الموت وإن لم يطلب.

  (و) أما (الدين) وهو ما ثبت في ذمة صاحبه برضا أربابه - فهو لا يتضيق عليه رده إلا (بالطلب) ممن هو له ولو كان حالًّا، أو مؤجلاً وحل أجله فإنه لا يجب قضاؤه إلا بعد الطلب، أو يقول: «متى حل أجله فأنا مطالب لك به» فإنه يتضيق رده عند حلول أجله، أو يغلب بظنه أن صاحبه لا يرضى بتأخيره فإنه يكون مضيقاً عليه رده ولو لم يطلبه صاحبه، وكذا ما كان من الدين ليتيم أو مسجد وأخذه لا على وجه التعدي، بل على وجه يجوز فإنه يجب عليه رده وإن لم يطلب إذا عرف أن مالكه محتاج إليه، فإن لم يكن محتاجاً إليه فكسائر الديون يتضيق بطلب المتولي أو الصبي بعد بلوغه، أو حاجته إليه وإن لم يطلب⁣(⁣١)، فتأمل.

  والهدايا والأرفاد تتضيق بحسب العرف، فهو في حكم الطلب، فإذا كان العرف ردها عند حصول وليمة أو أي موجب وجب ردها عند ذلك، ويكون ذلك السبب كالطلب لفظاً.

  فَرْعٌ: فلو لم يطلب الدين صاحبه حياءً أو خوفاً⁣(⁣٢) وقدر من عليه الدين أن صاحبه لولا الحياء أو الخوف أو غيرهما لطلب - وجب القضاء وتضيق؛ للطلب تقديراً بحصول المانع من الطلب لفظاً، فافهم.


(١) الفرض أنه غير محتاج إليه.

(٢) أو سهوًا. (هامش شرح الأزهار).