(باب الحيض)
  فقد ظهر لك أن المعتادة إذا أطبق الدم معها حتى جاوز العشر تجعل قدر عادتها حيضاً والزائد طهراً في هذه الثلاث الصور، وذلك حيث يأتي في العادة، أو في غيرها وقد مطلها فيه، أو لم يمطل وعادتها تتنقل. فهذه الثلاث الصور سواء في الرجوع إلى العادة، وذلك في العدد فقط، وأما في الوقت فكما قد ظهر لك في كل صورة: أما في العادة فظاهر أنه إذا أتاها في العادة عملت بذلك عدداً ووقتاً، وأما في التنقل فإنها تعمل به في الوقت؛ إذ قد ثبت لها عادة، وأما حيث يمطل فإنها ترجع في الوقت إلى عادة نسائها إن كنَّ، وإلا جعلت(١) قدر عادتها من العدد حيضاً والزائد طهراً إلى حد عشرة أيام، ثم كذلك مهما بقي الدم مستمراً، تجعل قدر العادة حيضاً والزائد طهراً كما مر لك هذا قريباً، فتأمل، والله أعلم.
  نعم، وصفة التنقل الذي يثبت له حكم هنا بحسب ما مر: هو أن يأتيها مرتين في أول الشهرين، ثم مرتين في أوسط شهرين، ومرتين في أولهما، ومرتين في أوسطهما، فهذه ثمانية أشهر، ثم يأتيها في أول التاسع واستمر، فهذه صورة التنقل التي يثبت لها الحكم الماضي، وإلا يكن على هذه الصفة فكمن لا تنتقل، وهو من المطل؛ لأن المراد إثبات عادة التنقل، فافهم، وحكمها ما أشار إليه ¦ بقوله: (وإلا) يكن لها أحد هذه الثلاثة الأمور، بل أتاها في غير وقت عادتها ولم يكن قد مطلها، وعادتها لا تتنقل، وجاوز العشر (فاستحاضة) ذلك الدم (كله) تعمل فيه عمل الطاهر إلى وقت العادة وأيام العادة، فتجعل ذلك حيضاً وما زاد عليها فاستحاضة، فإذا رأت الدم فتحيضت له عشراً كما هو الواجب عليها ثم انكشف أنه استحاضة لمجاوزته العشر فإنه ينكشف أن تلك العشر طهر. والوجه في كونه استحاضة أنه أتى(٢) في وقت الإمكان واتصلت به قرينة الاستحاضة، فأشبه الأيام الزائدة على العادة إذا جاوز فيها العشر، فإن الزائد جميعه استحاضة. وعند أن رأت الدم - أعني: أوله -
(١) في الأصل: «فعلت».
(٢) في المخطوطات: أنه لما أتى في وقت الإمكان اتصلت، والمثبت من الزهور والغيث وهامش شرح الأزهار.