تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب القرض)

صفحة 412 - الجزء 4

  فَرْعٌ: فلو كان صاحب الدين مُشْهِداً عليه لم يجب عليه قضاؤه إلا في محضر شهود ولو غير الأولين، أو في محضر الحاكم.

  (فيستحل من مطل) في الغصب ونحوه وإن لم يُطلب، وفي الدينِ بعد الطلب مع تمكنه من القضاء لوجود ما يقضي به الدين زائداً على ما استثني للمفلس، والمراد به أنه يطلب من غريمه أن يحل عليه فيما قد مطل فيه؛ إذ هي مظلمة، فيقول له: «أستغفر الله في حقك»، ولعله لا يجب عليه أن يطلب منه أن يبرئه مما قد أساء فيه، بل يكفيه ذلك. قال في البحر: والمظلمة إما في نفس كالقتل، أو عرض كالقذف والغيبة - لعله مع علم المغتاب بها - أو مال، فيجب التخلص عن كلٍّ بالتوبة والاعتذار إلى المُساء إليه مع القصاص وتسليم الغرم الذي في المال، لا للعرض فلا غرامة، وكذا من مطل مع المطالبة؛ لقوله ÷: «مطل الغني ظلم يحل عرضه وعقوبته»، إلا أن يطلب منه وهو معسر فلعله يستحل المطالِبُ من المعسِر، وإذا اعتذر المسيء وجب قبول عذره.

  إذا ما جنى الجاني محا العذر ذنبه ... وصار الذي لم يقبل العذر جانيا

  فإن امتنع من الإحلال فلعله يأثم بالامتناع، ووجه الإثم عدم القبول للمسيء إذا ظن صحة الندم من المسيء المعتذر، وقد ورد: «من اعتذر إليه [أخوه المسلم]⁣(⁣١) فلم يقبل فهو شيطان»، وعنه ÷: «من اعتذر إليه أخوه المسلم فلم يقبل عذره جاء يوم القيامة وعليه مثل ما على صاحب المكس» وهو العشَّار، رواه في الإرشاد.

  فَرْعٌ: وإذا كان صاحب الدين مشهداً عليه لم يجب عليه القضاء بعد أن طلب إلا في مجلس الشهود ولو غير الشهود الاولين أو في محضر الحاكم؛ ليأمن الطلب بعدُ لما كان الدين مشهوداً عليه فيه، فإن لم يكن كذلك وجب الرد عند الطلب، وليس له الامتناع إلا في حضرة الحاكم أو شهود؛ لعدم الإشهاد عليه فيه، فتأمل، والله أعلم.


(١) ما بين المعقوفين من هامش شرح الأزهار.