(باب القرض)
  (وفي حق الله) تعالى من(١) الدين الذي على العبد من زكاة أو خمس أو مظلمة أو غيرها (الخلاف) بين العلماء هل على الفور يقضى أم على التراخي، والمختار للمذهب أن حقوق الله تعالى على الفور لا يجوز تأخيرها عند التمكن من فعلها وقضائها، كالدين الذي للآدمي المطالب به، فدين الله أحق أن يقضى وأن يعجل كدين الآدمي، والله أعلم.
  مَسْألَة: (ويصح في الدين قبل القبض) على أنه لا يسمى ديناً إلا قبل القبض، فهو قيد واقع، فيصح فيه (كل تصرف) من جعله ثمناً ومهراً وعوض خلع وغيرها (إلا) في خمسة أشياء:
  الأول: (رهنه) لا ممن هو عليه ولا من غيره؛ لأن من شرط الرهن التعيين والقبض الحقيقي.
  (و) الثاني: (وقفه) لأن الوقف حبس الرقبة المعينة، ولا تعيين في الدين. وكذا عتقه وتدبيره فلا يصح كالوقف، وذلك لو كان العبد مهراً في ذمة الزوج.
  (و) الثالث: (جعله زكاة) أو نحوها من خمس أو مظلمة أو فطرة(٢) أو غيرها؛ لأن من شرط الزكاة ونحوها التمليك الحقيقي، وتمليكُ الدين إسقاط. لا يقال: قد صح تمليك الدين بالبيع لو كان في الذمة، وذلك ممن هو عليه، فلِمَ صح وهو تمليك؟ يقال: قد قبض البائع عوضه فلم يكن كالإسقاط لذلك.
  والرابع قوله: (أو) جعله (رأس مال سلم) فهو لا يصح؛ لأنه يكون من بيع الكالئ بالكالئ (أو) يجعله رأس مال (مضاربة) فهو لا يصح أيضاً؛ لأن من شرط مال المضاربة أن يكون حاضراً أو في حكمه. وكذا لو جعله رأس مال شركة مفاوضة فلعله لا يصح كذلك(٣).
  (و) الخامس: (تمليكه) الغير بأي وجه فإنه لا يصح إذا كان المُمَلَّك (غير) من هو عليه وغير (الضامن) به، فأما لو ملكه من هو عليه أو من هو ضامن به أو بالوجه
(١) في (ج): «في».
(٢) أو كفارة. (é). (هامش شرح الأزهار ٥/ ٥٢٩).
(٣) لعلها: لذلك.