(باب السلم)
  يصح فيما يحرم فيه، وهو ظاهر (فمن أسلم جنساً) ربويًّا(١) أو غيره (في جنسه وغير جنسه فسد في الكل) إن لم يتميز ثمنه، كأن يسلم قدحاً برّاً في قدح بر وثوب، فإنه يفسد في الكل؛ لعدم صحة مقابلة البر للبر مؤجلاً، وكذا لو أسلم مكيلاً في مكيل وموزون، أو عكسه، فهو كما لو أسلم جنساً في جنسه وغير جنسه، فيفسد في الكل؛ لإسلام المقدر فيما يوافقه في التقدير وغيره، وأما إذا أسلم مكيلاً وموزوناً في مكيل وموزون فلعله يصح، ويكون كل مقدر مقابلاً لمخالفه في التقدير إذا كان يصح أن يكون ثمناً له في بعض الأحول؛ لأن ذلك يحتمل وجه صحة وفساد فيحمل على وجه الصحة.
  وقد عرفت المراد من قوله: «جنساً في جنسه» أن المراد موافق له في الجنس أو في التقدير؛ ليشمل ما لو أسلم موزوناً في موزون ومكيلاً في مكيل، أو مكيلاً في موزون من جنسه أو العكس، كـ: بر في عجينه، أو العكس.
  وقولنا: «ربويّاً أو غيره» ليشمل ما لو أسلم ثوباً في ثوب من جنسه وصاع فإنه لا يصح، لا إذا اختلف الجنسان في الثوبين فإنه يصح، وهذه فائدة تعداد أجناس الثياب. وكذا لو أسلم ثوباً وصاعاً برّاً في ثوب ولو من جنس ذلك الثوب(٢) وصاع شعير وبر أيضاً فإنه يصح، ويكون الثوب مقابلاً للمكيل من كلا الطرفين، وهذا مما يحتمل وجهي صحة وفساد فيحمل على الوجه الصحيح.
  وقولنا في الشرح: «إن لم يتميز ثمنه» فأما إذا أسلم جنساً في جنسه وغير جنسه وتميز ثمن المقابل بغير جنسه فإنه يصح فيه ويبطل في الآخر، لو أسلم صاعين برّاً في صاع بر وثوب، وذكر أن الثوب يقابله صاع، ويقابل الصاع الذي مع الثوب الصاع الآخر - فإنه يصح السلم في الثوب؛ لمقابلته بالصاع متميزاً، ويبطل السلم في الصاع بالصاع؛ لعدم جواز النسأ في ذلك، والله أعلم.
(١) كل النسخ: «ثوبًا»، والصواب ما أثبتناه، وسيأتي: وقولنا: ربوياً أو غيره.
(٢) في المخطوطات: في ثوب ولو من جنس ذلك الثوب في ثوب وصاع ... إلخ.