(فصل): في بيان ما تبطل به الشفعة ومسائل تعلق بذلك:
  فله أن يشفع ولو بعد أن سلم؛ لارتفاع الأمر الذي سلم لأجله، لا العكس؛ لأنه إذا سلمها لكون الثمن قليلاً فانكشف أكثر فبالأولى أنه لا يريد الشفعة، إلا أن يظهر غرض في الأغلى، نحو أن يكون قد حلف لا شفع بأقل فبان الثمن أكثر فله الشفعة لانكشاف ذلك ولو قد سلم حين أن سمع بالأقل. ومن ذلك أن يخبر أن الشراء لزيد أو أن الثمن من جنس فسلم، فانكشف أن الشراء لعمرو وأن الثمن من جنس آخر، أو أخبر ببيع النصف فسلم فانكشف الكل، أو العكس - فلا تبطل شفعته بذلك التسليم؛ لما مر من ارتفاع(١) الأمر الذي سلم لأجله، وذلك لأن التسليم مشروط من جهة المعنى، فيطلبها بعد الانكشاف فوراً، فإن تراخى بعد علمه أنه ارتفع ذلك الأمر أو لم يقع(٢) بطلت شفعته. وكذا لو ظن أن العقد فاسد من غير إخبار، أو أن الشراء للمشتري فسلم، فانكشف خلافه، والقول قوله أنه ظن ذلك؛ إذ لا يعرف إلا من جهته، وذلك حيث جرت العادة بالعقود الفاسدة في أغلب الأحوال، نحو بيع الرجاء المتعامل به. وكذا لو ظن أن المشتري لا يشفع عليه فشفع عليه، فإن له أن يشفع، ويكون كما لو ظنه لزيد فانكشف لعمرو. وكذا لو ترك الشفعة لكون المشتري أباه أو أخاه ثم قام شفيع آخر فله أن يشفع ذلك؛ وكذا لو ترك شفعته لكثرة الثمن فانكشف أن له بعض المبيع فإن ذلك يكون عذراً له، فيشفع بعد الانكشاف، وكذلك(٣) لو كان للشفيع سبب إما الشرب أو الجوار فترك شفعته في المبيع، فانكشف أن له في المبيع حصة وأنه خليط وهو جاهل لذلك السبب فأخبر به - فإن الشفعة تثبت له بذلك السبب؛ لأن الحصة التي له في المبيع فيها تقليل لثمنه، كما لو أخبر أن الثمن مائة فانكشف أقل فله الشفعة بذلك؛ لأن الشفعة مبنية على اختلاف الأغراض والمقاصد. وعلى الجملة فأينما سلم شفعته لغرض فتبين خلافه فهو على
(١) صوابه: من عدم وقوع.
(٢) في المخطوطات: أو الذي لم يقع. وحذف «الذي» هو الصواب.
(٣) في (ج): «وذلك».