تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان ما تبطل به الشفعة ومسائل تعلق بذلك:

صفحة 507 - الجزء 4

  نحوهن، أو شُفِع ما يَسْتَشْفِع به. والمختار أنها تبطل الشفعة بخروج السبب عن ملك الشافع مطلقاً سواء خرج عن ملكه باختياره أم بغير اختياره، وكذا لو اجتحف السيل ذلك السبب؛ لأنه لا يبقى له بعد ذلك إلا حق في محله لا ملك، فتبطل شفعته بذلك.

  وإنما تبطل الشفعة بخروج السبب عن ملك الشافع إذا خرج عن ملكه (قبل الحكم) له (بها) أو قبل⁣(⁣١) التسليم له طوعاً، فأما لو لم يخرج إلا بعد أحدهما فإنه قد ملك المشفوع فيه بذلك الحكم ولا حكم لخروج السبب بعد. ومهما كان خروجه قبل أحدهما فقد بطلت ولو عاد إليه السبب بما هو نقض للعقد من أصله فلا يعود له حق الشفعة. وأما لو باع بعض السبب فإنها لا تبطل شفعته مهما بقي له ولو جزء يسير يشفع به، كما لو كان خليطاً بالنصف فباع الربع فإنه يشفع بالربع الآخر، وكذا لو كان جار وخليطاً فباع الخلطة فإنه يشفع بالجوار، ولا يحتاج إلى تجديد الطلب ما لم يخصص كأن يقول: «أنا طالب بالخلطة» فتبطل.

  وأما لو كان المشترى شيئين متباينين وله سبب في كلٍّ منهما فباع الشافع بعض الأسباب فإنها تبطل شفعته، وسواء كان عالماً أو جاهلاً، وذلك حيث يكون الشراء صفقة واحدة لشخص واحد، أو لجماعة والمشتري وكيل غير مضيف.

  تنبيه: وقولنا ببطلان الشفعة بخروج السبب عن ملكه هو ما لم يكن الشافع هو المشتري، كأن يشتري الخليط نصف أو ربع ما هو مشارك فيه، فإذا باع حصته الأصلية في المشترك لم تبطل شفعته فيما شراه بخروج السبب عن ملكه ولو كان قبل الحكم له بالشفعة فيما شراه، فإذا طلب الشفعة شريكهما الثالث لم يستحق إلا حصته من المبيع على عدد رؤوسهم، ولا يتوهم أن المشتري قد أخرج السبب عن ملكه قبل المخاصمة هو والشريك الثالث وقبل الحكم؛ لان شراءه لما له فيه الشفعة كالتسليم طوعاً والحكم له من الحاكم بذلك⁣(⁣٢)، فافهم، والله أعلم.


(١) في المخطوطات: وقبل.

(٢) بل كالتسليم طوعاً. (é) فلا يصح التصرف فيه قبل قبضه. (é) (من هامش شرح الأزهار ٦/ ٥٣).