(فصل): في أحكام إجارة الحيوان:
  مَسْألَة: (ومن اكترى) دابة (من موضع) كمن المدينة المشرفة على صاحبها [وآله] أفضل الصلاة والسلام (ليحمل من آخر) كمن مكة المشرفة (إليه) يعني: إلى المدينة أو إلى غيرها (فامتنع) بعد أن وصل مكة من أن يحمل على تلك الدابة (أو فسخ) الإجارة، أو لم يفسخها أيضاً، وكان ذلك - امتناعه أو فسخه - (قبل الأوب) إلى المدينة، وسواء كان فسخه لعذر أو لغير عذر وقبل منه الفسخ صاحب الدابة (لزمت) المستأجر الأجرة (للذهاب) من المدينة إلى مكة بشرطين:
  الأول: أن لا يمتنع صاحب الدابة من الحمل من مكة إلى المدينة(١).
  والثاني: (أن) يكون المستأجر قد (مُكِّن) من الدابة (فيه) يعني: في الذهاب (وخُلِّي له) ظهره ليحمل عليه أولاً، ولا يضر إذا عارضه المالك من الركوب(٢) على البعير أو نحوه في الذهاب، فيلزم لذلك أجرة الذهاب حيث فسخ الإجارة أو امتنع من الانتفاع في الإياب، وهي أجرة ذلك الحيوان حاملاً من المدينة إلى مكة، وذلك حيث جرت العادة بالتحميل من المدينة إلى مكة، والمراد حيث جرت العادة بالتحميل في الذهاب (وإلا) تجر العادة بالتحميل عليه في الذهاب، بل العرف جارٍ بأنه يخلى ولا يحمل عليه (فلا) يلزم شيء من الأجرة للذهاب إذا فسخ قبل الأوب؛ لأنها من المقدمات، ولم يقابلها شيء إذا لم تذكر، وكذا لو لم يخلَّ له، وذلك حيث فسخ المستأجر لعذر، فإن امتنع من غير عذر لزمته الأجرة للذهاب ولو لم تجر العادة بالتحميل في الذهاب، بل التخلية فقط وقد خلي له. ولو خلي له في مكة مدة يمكنه الرجوع إلى المدينة فيها لزمته الأجرة للذهاب والإياب، كتخلية الدار المستأجرة مدة الإجارة، فعلى هذا لا يلزم المكري التخلية في الذهاب إلا حيث جرى العرف بها فيه، وإلا لم تلزمه، أو كان العادة بأن المستأجر يحمل من المدينة إلى مكة إن أحب لزم له ذلك، وإلا فلا يلزم؛ لأن المقصود هو الحمل من مكة إلى المدينة. وحيث يجري
(١) المراد في رجوعه.
(٢) في (ب): في الركوب. ولفظ شرح الأزهار (٦/ ٢٠٣): ولا يضر إذا عارضه وهو راكب على الجمل.