(كتاب الصلاة)
(كتاب الصلاة)
  لغة: الدعاء، ومنه: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}[التوبة: ١٠٣]، ومنه قول الأعشى لبنته بعد قولها: «يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا»:
  عليك مثل الذي صليت فاغتمضي ... نوماً فإن لجنب الحي مضطجعا
  يعني: مثل الذي دعوت. ومعنى آخره: أن لكل حي مصرعاً محتوماً، أي: لا يصرف عنه صارف. قال الإمام المهدي ¦: وربما جاءت بمعنى الإحسان، ومنه: «اللهم صل على محمد وآله وسلم» أي: أحسن إليه، وارفع مناره(١). وقول الأصحاب فيه: «بمعنى الرحمة» فيه غفلة؛ لأن الرحمة تستلزم الرقةَ التي من طبع البشر، لأن وضعها في اللغة كذلك؛ فلا يصح إجراؤها على الله سبحانه وتعالى [إلا مجازًا](٢) سماعاً مقرراً حيث ورد، وقد اعترضهم بما ذكرنا بعضُ المتكلمين. هذا كلامه ¦، ولا مانع أن تجعل الصلاة بمعنى الرحمة التي وصف الله بها نفسه، وأن ما فسرت به فهو المراد بالرحمة التي جعلنا الصلاة بمعناها، فليتأمل، والله أعلم.
  وحقيقة الصلاة شرعاً: عبادة ذات أذكار وأركان غالباً، بنية مخصوصة، من شخص مخصوص، في وقت مخصوص. فـ «عبادة» جنس الحد يدخل سائر العبادات. و «ذات أذكار وأركان» فصل يخرج ما لم يكن فيه من العبادات كذلك. و «بنية مخصوصة» يخرج ما عدا الصلاة مما يشاركها من العبادات في الأذكار والأركان. ويزاد في الحد: «تحريمها التكبير وتحليلها التسليم»؛ لإخراج الحج فإنه(٣) عبادة ذات أذكار وأركان لكن تحريمه الإحرام وتحليله الطواف، وهو أيضاً يخرج من قولنا: «بنية مخصوصة» فافهم، وزيادة «غالباً» بعد قولنا: «ذات أذكار وأركان»؛ لتخرج صلاة
(١) في الغيث: منازله.
(٢) في (ج): «والمجاز». وفي (ب): «والإجماع». والمثبت من الغيث وحاشية في الشرح.
(٣) في (ب): «فإنها».