تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): يتضمن ذكر شرائط وجوب الصلاة وستأتي إن شاء الله تعالى

صفحة 271 - الجزء 1

  والركوع، والسجود، وغير ذلك، وفيها قال ÷: «وجعلت قرة عيني الصلاة» الذي هي أصل ذلك كله. أخرجه النسائي والحاكم من حديث أنس، وفي حديث أبي داود أنه قال ÷: «أقم الصلاة يا بلال، أرحنا بها». قيل: كان اشتغالُه بالصلاة راحةً له، فإنه كان يعد غيرها من الأعمال تعبًا، فكان يستريح بالصلاة؛ لما فيها من مناجاة الله تعالى، وما أقرب الراحة من قرة العين.

  نعم، (يشرط في وجوبها) ثلاثة:

  الأول: (عقل) فهي لا تجب إلا على من أكمل الله عقله، فلا تجب على المجنون، عنه ÷: «رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ». وحقيقة العقل: قيل: هو بنية في الإنسان يتميز بها عن سائر الحيوانات. وسمي⁣(⁣١) عقلاً لأنه يعقل صاحبه عن الوقوع في المكاره. والصلاة وغيرها من سائر الواجبات الشرعية لا تجب إلا على البالغ العاقل، بخلاف الواجبات العقلية فهي تجب على من كمل عقله ولو لم يبلغ بالبلوغ المقدر شرعاً من أحد الخمسة الأمور الآتية إن شاء الله تعالى، وذلك كالنظر في معرفة الصانع جل وعلا، وصفاته، وعدله، وحكمته، وتصديق رسله، فإن أخل بذلك فكافر فيما بينه وبين الله تعالى دون ظاهر الشرع؛ لأن أمارات البلوغ إنما نصبها الله أمارات في حقنا دون علمه، ويؤيد ذلك أنك ترى بعض المراهقين أكيس وأدهى في المعاملات من بعض الشيوخ.

  والعقل يكمل بمجموع علوم عشرة، وهي⁣(⁣٢):

  علمه بأحوال نفسه [نحو]⁣(⁣٣)، كونه مريداً للشيء أو كارهاً.

  وعلمه بالمشاهد، كظلمة الليل وضياء النهار ونحوهما.

  وعلمه بما يعلم بديهة، نحو العشرة أكثر من الخمسة وما أشبه ذلك.


(١) في (ج): «ويسمى».

(٢) في (ج): «وهو».

(٣) ما بين المعقوفين من البيان.